.....
______________________________________________________
المسألة ٢٢ من نفس القصيدة التي منها الشاهد المذكور ، وهذا البيت من شواهد سيبويه (١ / ٣٨٨) وابن يعيش في شرح المفصل (ص ٤٣٧) ورضي الدين في باب الضمير من شرح الكافية ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٢ / ٤٣٠) والمبرد في الكامل (٢ / ٢٠٩) وابن جني في الخصائص (٢ / ٢٥٩) والأشموني (رقم ٥٢٥) وابن عقيل (رقم ٢٠٠) وشرحه العيني (٣ / ٢٦٢ بهامش الخزانة) وطحت : سقطت وهلكت ، ويجوز في الطاء الضم والكسر ؛ لأن عين هذا الفعل جاءت بالواو وبالياء وإن كانت الياء أكثر ، تقول : طاح يطوح كقال يقول ، وطاح يطيح كباع يبيع ، وهوى : سقط من أعلى إلى أسفل ، وهو على وزان رمى يرمي ، فأما هوي يهوى بمعنى عشق يعشق فوزانه رضي يرضى ، والأجرام : جمع جرم ، وجرم كل شيء جثته ، والقلة ومثلها القنة ـ بضم القاف وتشديد ما بعدها ـ أعلى الجبل ، والنيق ـ بكسر النون ـ أرفع موضع في الجبل ، والمنهوي : الساقط. ومحل الاستشهاد من هذا البيت هنا قوله «لولاي» حيث وقع الضمير المتصل الذي أصله أن يكون في محل جر أو محل نصب بعد لو لا ، ولو لا عند جمهرة النحاة حرف من حروف الابتداء تتطلب اسما ظاهرا مرفوعا كما في قول الراجز ، وهو عامر بن الأكوع رضياللهعنه :
والله لو لا الله ما اهتدينا |
|
ولا تصدقنا ولا صلينا |
أو ضميرا منفصلا كما في قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) وقد اختلف النحاة في مثل «لولاي» أهو جائز أم لا؟ فقال أبو العباس المبرد : هو تعبير غير جائز عربية ، فإن وقع في كلام فهو خطأ ، وقال غيره من العلماء : هو جائز لوروده في كلام العرب المحتجّ بكلامهم ، غير أنه ليس بالمنهج المطرد ولا المهيع المستمر ، قال أبو سعيد السيرافي : «ما كان لأبي العباس المبرد أن يسقط الاستشهاد بشعر رجل من العرب قد روى قصيدته النحويون وغيرهم ، ولا أن ينكر ما أجمع الجماعة على روايته عن العرب» ه ، ويقول أبو رجاء : وما كان لأبي العباس المبرّد أن ينكر ورود مثل هذا التعبير عن العرب ، وهو يروي هذا البيت في الكامل (٢ / ٢٠٩ الخيرية) ويروي قبله بيتا فيه هذا التعبير ، وهو قول رجل من الخوارج لم يعينه ، وهو أعشى همدان :
ويوم نجي تلافيته |
|
ولولاي لاصطلم العسكر |
وقد ورد في رجز لرؤبة ، وهو قوله :
* لولا كما قد خرجت نفساهما*
ورؤبة عنده أفصح العرب ، وهو ممن لا تنكر فصاحته.
ثم اختلف القائلون بصحة هذا التعبير ، ولهم فيه ثلاثة مذاهب :
فذهب سيبويه رحمهالله تعالى إلى أن هذه الياء في «لولاي» والكاف في «لولاك» والهاء في «لولاه» في محل جر بلولا ، ولو لا حينئذ حرف جر ، لا حرف ابتداء ، ولا تتعلق بشيء وعنده أن لو لا على وجهين : الوجه الأول تكون فيه حرف ابتداء وذلك إذا وقع بعدها الاسم الظاهر كما في رجز عامر بن الأكوع ، أو وقع بعدها ضمير رفع منفصل كما في الآية الكريمة التي تلونا ، والوجه الثاني أن تكون حرف جر لا يتعلق بشيء كما في هذا البيت ، قال : «هذا باب ما يكون مضمرا فيه الاسم متحولا عن حاله إذا أظهر بعده الاسم. وذلك