أراد «صاحبي» فحذف الباء والياء ؛ فكذلك هاهنا ، وبل أولى ، وذلك من وجهين :
أحدهما : أن الواو والياء حرفا علة ، والنون من «لكن» والباء من «صاحب» حرف صحيح ، والمعتل أضعف من الصحيح ؛ فإذا جاز حذف الأقوى لضرورة الشعر فحذف الأضعف أولى.
والثاني : أنه قد حذف حرفين للضرورة ـ وهما الباء والياء من صاحبي ـ وإذا جاز حذف حرفين للضرورة فحذف حرف واحد أولى.
وأما قولهم : «إنهم زادوا الواو والياء تكثيرا للاسم ، كما زادوا الواو [٢٨٥] في ضربتهو» قلنا : هذا فاسد ؛ لأن «هو» ضمير المرفوع المنفصل ، والهاء في «ضربتهو» ضمير المنصوب المتصل ، وقد بينّا أن ضمير المرفوع المنفصل لا يجوز أن يكون على حرف واحد ، بخلاف ضمير المنصوب المتصل ؛ لأن ضمير المرفوع المنفصل يقوم بنفسه ؛ فلا بدّ من حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه ، بخلاف ضمير المنصوب المتصل ؛ لأنه لا يقوم بنفسه ، ولا يجب فيه ما وجب في ضمير المرفوع المنفصل.
والذي يدلّ على أنها ليست كالواو في «أكرمتهو» أنه لا يلزم تسكينها كما يلزم تسكينها في «أكرمتهو» ولا يجوز تحريك الواو في «أكرمتهو» كما يجوز في «هو قائم» ولو كانا بمنزلة [واحدة] لوجب أن يسوّى بينهما في الحكم ، والله أعلم.
______________________________________________________
وأما في رواية سيبويه فالاستشهاد به في قوله «أحار» حيث أراد «يا حارث» فرخّم بحذف الثاء ، وهو عند سيبويه قليل بالنسبة لترك الترخيم ، قال «واعلم أن الأسماء التي ليس في أواخرها هاء ألا يحذف منها أكثر ؛ لأنهم كرهوا أن يخلوا بها فيحملوا عليها حذف التنوين وحذف حرف لازم للاسم لا يتغير في الوصل ولا يزول ، وإن حذفت فحسن ، وليس الحذف لشيء من هذه الأسماء ألزم منه لحارث ومالك وعامر ، وذلك لأنهم استعملوها كثيرا في الشعر وأكثروا التسمية بها للرجال» اه. ومن ترخيم حارث ـ غير بيت الشاهد ـ قول مهلهل بن ربيعة :
يا حار لا تجهل على أشياخنا |
|
إنّا ذوو الثورات والأحلام |
وقول الآخر :
يا حار لا أرمين منكم بداهية |
|
لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك |