أراد «إذ هي» فحذف الياء ؛ فدل على أن الاسم هو الهاء وحدها ، وإنما زادوا الواو والياء تكثيرا للاسم ، كراهية أن يبقى الاسم على حرف واحد ، كما زادوا الواو في قولهم : «ضربتهو ، وأكرمتهو» وإن كانت الهاء وحدها هي الاسم ، فكذلك هاهنا.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أن الواو والياء أصل أنه ضمير منفصل ، والضمير المنفصل لا يجوز أن يبنى على حرف واحد ؛ لأنه لا بد من الابتداء بحرف والوقف على حرف ؛ فلو كان الاسم هو الهاء وحدها لكان يؤدي إلى أن يكون الحرف الواحد ساكنا متحركا ، وذلك محال ؛ فوجب أن لا تكون الهاء وحدها (١) هي الاسم.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما قولهم : «إن الواو والياء تحذفان في التثنية نحوهما» قلنا : إن «هما» ليس بتثنية على [٢٨٣] حد قولك في زيد زيدان وعمرو عمران ، وإنما هما صيغة مرتجلة للتثنية كأنتما ، ألا ترى أنه لو كان تثنية على حدّ قولهم «زيدان ، وعمران» لقالوا في تثنية هو «هوان» وفي تثنية أنت «أنتان» ولكان يجوز أن يدخل عليهما الألف واللام فيقال «الهوان ، والأنتان» كما يقال :
______________________________________________________
الموحدة ـ اسم موضع بعينه. ومحل الاستشهاد قوله «إذه» فقد ادعى الكوفيون أن مجيء الهاء وحدها مرادا بها «هي» يدل على أن الياء في «هي» زائدة ، وأن أصل الكلمة الهاء وحدها ، والبصريون يردون ذلك ويأبونه ، وهم في الرد عليهم ينهجون أحد منهجين ، الأول أن يقولوا : إن مجيء الهاء وحدها في مكان «هي» و «هو» ضرورة من الضرورات التي تباح للشاعر إذا ألجأه قصد إقامة الوزن أو الرويّ ، أما في حال السعة والاختيار فلا يجوز ذلك ، وهذا المنحى هو الذي انتحاه شيخ البصريين سيبويه رحمهالله ، ومنهم من حكى في «هو» و «هي» لغات يتكلم بكل واحدة منها قبيلة أو أكثر من قبائل العرب ، وهذا هو المنحى الذي انتحاه الكسائي فيما نقلناه عن ابن منظور عنه في شرح الشاهد السابق ؛ وقد ذهب إلى مثل كلامه ابن يعيش في شرح المفصل (٤١٧) قال : «وذهب الكوفيون إلى أن الاسم الهاء وحدها ؛ واحتجوا لذلك بحذف الياء في نحو قوله :
* دار لسعدى إذه من هواكا*
وليس في ذلك حجة ؛ لأن ذلك من ضرورات الشعر ، وفيها ثلاث لغات : هي بتخفيف الياء وفتحها ؛ وهي بتشديد الياء مبالغة في تقوية الاسم ولتصير على أبنية الظاهر ؛ وهي بالإسكان تخفيفا ؛ وينبغي أن يكون الحذف في قوله :
* إذه من هواكا*
على لغة من أسكن لضعفها ؛ إذ المفتوحة قد قويت بالحركة» اه.
__________________
(١) في ر «فوجب أن تكون الهاء وحدها هي الاسم» وهو ظاهر الفساد.