وحدها فكذلك هاهنا ؛ إن هو العامل في جواب الشرط عند وجود فعل الشرط لا أنه عامل (١) معه.
وأما من ذهب إلى أن حرف الشرط يعمل في فعل الشرط ، وفعل الشرط يعمل في جواب الشرط ، فقال : لأن حرف الشرط حرف جزم ، والحروف الجازمة ضعيفة فلا تعمل في شيئين ، فوجب أن يكون فعل الشرط هو العامل.
وهذا القول ضعيف أيضا ؛ لأنه يؤدي إلى إعمال الفعل في الفعل. وقولهم : «الحروف الجازمة ضعيفة فلا تعمل في شيئين» باطل ؛ لما بيّنا من وجه مناسبته للعمل في الشرط وجوابه لاقتضائه لهما ، بخلاف غيره من الحروف الجازمة ؛ فإنها لما اقتضت فعلا واحدا عملت في شيء واحد ، وحرف الشرط لما اقتضى شيئين وجب أن يعمل في شيئين قياسا على سائر العوامل.
فأما من ذهب إلى أنه مبني على الوقف فقال : لأن الفعل المضارع إنما أعرب بوقوعه موقع الاسم ، وجواب الشرط لا يقع موقع الاسم ؛ لأنه ليس من مواضعه ؛ فوجب أن يكون مبنيا على أصله ، فكذلك فعل الشرط (٢).
وهذا القول ليس بمعتدّ به عند البصريين ؛ لظهور فساده ؛ لأنه لو كان الأمر على ما زعمتم لكان ينبغي أن لا يكون الفعل معربا بعد أن وكي وإذن ، وكذلك أيضا بعد لم ولما ولام الأمر ولا في النهي ؛ لأن الاسم لا يقع بعد هذه الأحرف ؛ فكان ينبغي أن يكون الفعل بعدها مبنيا ؛ لأنه لم يقع موقع الاسم ، فلما انعقد الإجماع في هذه المواضع على أنه معرب ، وأنه منصوب بدخول النواصب ومجزوم بدخول الجوازم ؛ دل على فساد ما ذهب إليه.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما احتجاجهم بقوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ) [البينة : ١] فلا حجة لهم فيه ؛ لأن قوله : (وَالْمُشْرِكِينَ) ليس معطوفا على (الَّذِينَ كَفَرُوا) وإنما هو معطوف على قوله : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) فدخله الجر لأنه معطوف على مجرور ، لا على الجوار.
وأما قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة : ٦] فلا حجّة لهم فيه أيضا ؛ لأنه على قراءة من قرأ بالجرّ ليس معطوفا على قوله : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ) [المائدة : ٦] وإنما هو معطوف على قوله : (بِرُؤُسِكُمْ) على [٢٥٣] أن المراد بالمسح في الأرجل الغسل ، وقال أبو زيد
__________________
(١) في ر «إلا أنه عامل معه» ولا يستقيم مع ما قرره.
(٢) الظاهر أن عبارة «فكذلك فعل الشرط» مقحمة إذ لا مؤدى لها.