٨١
مسألة
[هل يجوز مجيء «كما» بمعنى «كيما» وينصب بعدها المضارع؟](١)
ذهب الكوفيون إلى أن «كما» تأتي بمعنى كيما ، وينصبون بها ما بعدها ، ولا يمنعون جواز الرفع ، واستحسنه أبو العباس المبرد من البصريين.
وذهب البصريون إلى أن «كما» لا تأتي بمعنى «كيما» ولا يجوز نصب ما بعدها بها.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أن «كما» تكون بمعنى «كيما» وأن الفعل ينصب بها أنه قد جاء ذلك كثيرا في كلامهم ، قال الشاعر وهو [٢٤٤] صخر الغيّ :
[٣٧٩] جاءت كبير كما أخفّرها |
|
والقوم صيد كأنّهم رمدوا |
______________________________________________________
[٣٧٩] هذا هو البيت السادس عشر من قصيدة لصخر الغيّ بن عبد الله الهذلي (ديوان الهذليين ٢ / ٥٧) وكان صخر الغيّ قد قتل جارا لبني خناعة من بني سعد بن هذيل من بني الرمداء من مزينة ، فحرض أبو المثلم قومه على صخر ليطلبوا بدم المزني ، فبلغ ذلك صخرا ، فقال في ذلك هذه القصيدة ، وأخفرها ـ بتضعيف الفاء ـ أي أمنعها وأجيرها وأؤمنها ، تقول «خفر الرجل الرجل ، وخفر به ، وعليه ، وخفره تخفيرا» إذا أجاره ومنعه وأمّنه وكان له خفيرا ، وقال أبو جندب الهذلي :
ولكنني جمر الغضى من ورائه |
|
يخفرني سيفي إذا لم أخفر |
والصيد ـ بكسر الصاد ـ جمع أصيد ، وهو الوصف من الصيد ـ بفتح الصاد والياء جميعا ـ وهو داء يأخذ الإبل في رؤوسها فترفع رؤوسها وتسمو بها ، فإذا كان ذلك في الرجل كان من كبر وطماحة. ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله «كما أخفرها» فإن الكوفيين ذهبوا إلى أن «كما» بمعنى كيما وهي مؤلفة من كي الناصبة للمضارع وما الزائدة ، ويجوز أن تكف «ما» الزائدة كي عن عمل النصب فيرتفع المضارع بعدها ، ويجوز ألا تكفها فينتصب المضارع بكي كما في هذا البيت ، وقد ذهب إلى هذا المذهب أبو علي الفارسي ؛ فزعم أن
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : مغني اللبيب (ص ١٧٦ ـ ١٧٧) وشرح الأشموني مع حاشية الصبان (٣ / ٢٣٧) وشرح الرضي على الكافية (٢ / ٢٢٣).