[٢٢٩] ٧٥
مسألة
[عامل النصب في الفعل المضارع بعد واو المعيّة](١)
ذهب الكوفيون إلى أن الفعل المضارع في نحو قولك «لا تأكل السمك وتشرب اللبن» منصوب على الصرف. وذهب البصريون إلى أنه منصوب بتقدير أن ، وذهب أبو عمر الجرميّ من البصريين إلى أن الواو هي الناصبة بنفسها ؛ لأنها خرجت عن باب العطف.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه منصوب على الصّرف ، وذلك لأن الثاني مخالف للأول ، ألا ترى أنه لا يحسن تكرير العامل فيه ، فلا يقال : لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن ، وأن المراد بقولهم «لا تأكل السمك وتشرب اللبن» بجزم الأول وبنصب الثاني النهي عن أكل السمك وشرب اللبن مجتمعين ، لا منفردين ، فلو طعم كلّ واحد منهما منفردا لما كان مرتكبا للنهي ، ولو كان في نية تكرير العامل لوجب الجزم في الفعلين جميعا ، فكان يقال «لا تأكل السّمك وتشرب اللّبن» فيكون المراد هو النهي عن أكل السمك وشرب اللبن منفردين ومجتمعين ؛ فلو طعم كل واحد منهما منفردا عن الآخر أو معه لكان مرتكبا للنهي ؛ لأن الثاني موافق للأول في النهي ، لا مخالف له ، بخلاف ما وقع الخلاف فيه ؛ فإن الثاني مخالف للأول ، فلما كان الثاني مخالفا للأول ومصروفا عنه صارت مخالفته للأول وصرفه عنه ناصبا له ، وصار هذا كما قلنا في الظروف ، نحو «زيد عندك» وفي المفعول معه ، نحو «لو ترك زيد والأسد لأكله» فكما كان الخلاف يوجب النصب هناك ، فكذلك هاهنا.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه منصوب بتقدير «أن» وذلك لأن الأصل في الواو أن تكون حرف عطف ، والأصل في حروف العطف أن لا تعمل ؛ لأنها لا تختص ؛ لأنها تدخل تارة على الاسم وتارة على الفعل على ما بيّنا
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح الأشموني مع حاشية الصبان (٣ / ٢٥٨ و ٢٦٠) وشرح المفصل لابن يعيش (ص ٩٢٩) وشرح الرضي على الكافية (٢ / ٢٢٣ وما بعدها).