.................................................................................................
______________________________________________________
ثم إن المصنف بعد أن ذكر المسائل التي ظاهرها أن المنصوب فيها مفعول معه ، وحكم بأن ذلك المنصوب مفعول به أشار إلى ثلاث المسائل التي ذكرها بعد ـ يجوز في المنصوب فيها أن يكون مفعولا معه وأن يكون معطوفا على ما قبله [٢ / ٥١٤] وهي : رأسه والحائط وامرأ ونفسه ، وشأنك والحج ، وذلك أن العامل المقدر الذي هو «دع» في الأولى والثانية ، و «عليك» في الثالثة صالح للعمل في المفعول معه ولا مانع منه.
والعطف أيضا سائغ ولا منافاة بين المعنيين ، بل المعنى إن عطفت أو لم تعطف واحد ، فجاز الأمران. لذلك قال سيبويه رحمهالله [٣ / ٢٥] تعالى : «ومن ذلك رأسه والحائط كأنه قال : خلّ أو دع رأسه مع الحائط ، فالرأس مفعول والحائط مفعول معه فانتصبا جميعا ، ومن ذلك قولهم : شأنك والحج ، كأنه قال : شأنك مع الحج ، ومن ذلك امرأ ونفسه كأنه قال : دع امرأ ونفسه ، فصارت الواو في معنى «مع» كما صارت في معنى «مع» في قولهم : ما صنعت وأباك ، وإن شئت لم يكن فيه ذلك المعنى فهو عربي جيد ، كأنك قلت : عليك رأسك ، وعليك الحائط ، وكأنه قال : دع امرأ ودع نفسه ، فليس ينقض هذا ما أردت في معنى «مع» من الحديث» (١). انتهى.
فانظر إلى هذا الرجل المسدد الموفق وإلى الإفصاح عن المقصود بهذه العبارة السعيدة المفيدة الحكم مع التعليل ، وقد استفيد من تجويزه النصب على المعية في هذه المسائل الرد على من يعتقد أن المفعول معه لا يكون إلا مع الفاعل (٢) ، ثم إن الشيخ ناقش المصنف في قوله : (وعليك في الثالث) ، قال : لأن اسم الفعل لا يعمل مضمرا ، قال : والعلة في ذلك أن أصل العمل في المفعول به للفعل واسم الفعل نائب عنه فهو فرع ، فلم يتصرفوا فيه تصرف الفعل بأن يجيزوا إعماله مضمرا ؛ لئلا يساوي الفرع الأصل ، قال : وإنما غرّ المصنف في ذلك تمثيل سيبويه ذلك بعليك (٣) ـ
__________________
(١) الكتاب (١ / ٢٧٤ ، ٢٧٥).
(٢) ذكر الدماميني هذا الرأي ثم علق عليه فقال : قال أصحاب هذا الرأي ـ أي الذين يشترطون في المفعول معه ألا يكون إلا من الفاعل ـ وإذا أريدت المعية في مثل ذلك أتي بـ (مع) فيقال : «ضربت زيدا مع عمرو» اه. شرح التسهيل للدماميني (ص ١٦٦٧).
(٣) زاد في (ج) (قال : والذي ذكره سيبويه هو تمثيل وتفسير معنى لا تفسير إعراب).