.................................................................................................
______________________________________________________
لا يختص به زمن بعينه ، ثم قال : وذلك قولك : ذهبت فرسخين وسرت ميلين كما تقول : ذهبت الشهرين وسرت الميلين (١). انتهى.
قال الشراح (٢) : فمن حيث التوقيت ظاهره أنه مختص ، ومن حيث قوله : لا يختص به مكان ظاهره الإبهام (٣) ، فمن ثم قال الشيخ : والصحيح أنه شبه بالمبهم ، ولذلك وصل إليه الفعل بنفسه (٤) ، ثم ذكر الشيخ عن السهيلي أنه يرى أن انتصاب هذا النوع انتصاب المصادر لا انتصاب الظروف ، وعلل ذلك بأن الميل ليس بظرف ؛ لأنه ليس كالجهات الست المضافة ، لأن الجهة لا معنى لها إلا بإضافتها إلى من هي له ، والميل لا يضاف والظرف مقدر بفي ، وقد يصرح بها والميل لا يقدر ، ولو قدر بها لجاز إظهارها ، وأطال الكلام في ذلك وجنح الشيخ إلى هذا الرأي (٥) ، ولا يخفى ضعف هذا الاستدلال الذي أشار إليه ، ويكفيه مخالفة إمام الصناعة ، ولا شك أن هذا مما لا ينبغي التشاغل به ، وذكر الشيخ أيضا أن الكوفيين لا ينصبون المبهم على الظرف لعدم الفائدة ، ويقولون : لابد من تخصيصه بوصف أو غيره (٦).
واعلم أنني لا أختار ذكر شيء من هذه الأقوال التي لا معول عليها ، ولكن قد يترك ذلك فيظن الناظر أنه قد فات الإنسان ما كان ينبغي أن لا يفوته ، وأقرب مما قاله السهيلي ما ذهب إليه بعض المغاربة وهو ابن طلحة : أن الأصل سرت سير فرسخين فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ونظّر ذلك بقولهم : ضربته سوطا أي ضرب سوط ، فكأنه يجعل نصب فرسخين نصب المصدر (٧) ، وقد أطال الشيخ الكلام في هذه المسألة ، والحق أحقّ أن يتبع.
ومنها : أنه قد تقدم أن من الضرورات قول الشاعر : ـ
١٥٧٩ ـ لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه |
|
فيه كما عسل الطّريق الثّعلب (٨) |
__________________
(١) الكتاب (١ / ٣٦).
(٢) لعله يقصد بقوله : «الشراح» أبا حيان ؛ حيث إنه هو الذي عقب على كلام سيبويه بهذه العبارة.
(٣) التذييل (٣ / ٣٧٩).
(٤) المرجع السابق نفسه.
(٥) ينظر التذييل (٣ / ٣٧٩ ـ ٣٨١).
(٦) التذييل (٣ / ٣٨١).
(٧) ينظر : التذييل (٣ / ٣٨١) حيث ذكر رأي ابن طلحة.
(٨) تقدم ذكره.