.................................................................................................
______________________________________________________
ومثله قول الآخر : ـ
١٥٥٣ ـ قالت أمامة ما لجسمك شاحبا |
|
منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع (١) |
ومثله قول الآخر في الجملة الاسمية : ـ
١٥٥٤ ـ وما زلت محمولا عليّ ضغينة |
|
ومضطلع الأضغان مذ أنا يافع (٢) |
وروى الكوفيون مذ ومنذ بكسر الميم ، وجعلوا ذلك حجة على تركيبهما من «من وذو» الطائية (٣) ، ولا حجة فيه ؛ لأنّ الأصل عدم التركيب ، وإذا ولي مذ ساكن ضمت ذالها كقولك : لم أر فلانا مذ اليوم ؛ لأن أصلها منذ فحرّك لالتقاء الساكنين وضم للإتباع. فلما حذفت النون سكنت الذال ؛ إذ لا موجب للحركة ، فلما وليها لام التعريف حركت الذال ؛ لئلا يلتقي في الوصل ساكنان ، وكان أولى الحركات بها الضمة ؛ لأنها حركتها قبل أن تحذف النون ، وبعض العرب يقول : مذ اليوم بالكسر على أصل التقاء الساكنين ، وقد تقدم الكلام على ذلك ، هذا كلام المصنف رحمهالله تعالى (٤) ، وقد استفيد منه أن «مذ» و «منذ» إما أن يليهما جملة أو مفرد ، والمفرد إما مرفوع وإما مجرور ، وأنهما إذا وليهما جملة اسمية كانت أو فعلية فهما ظرفان معمولان لما يصح عمله فيهما من أجزاء الجملة الواقعة بعدهما ، وإذا وليهما مفرد مرفوع فالمختار عنده أن ذلك المرفوع يقدر له رافع محذوف ، وعلى هذا يكون الواقع بعدهما حينئذ [٢ / ٤٣٧] جملة فيحكم على مذ ومنذ بالظرفية أيضا ، كما كان الحكم فيهما إذا وقعت الجملة تامة بعدهما ، وإذا ـ
__________________
(١) البيت من الكامل ، وهو لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدة يرثي بها بنيه. وهو في : التذييل (٣ / ٣٤٥) ، والمفضليات (ص ٤٢١) ، وجمهرة القرشي (ص ١٢٨) ، والهمع (١ / ٢١٦) ، والدرر : (١ / ١٨٥) ، وديوان الهذليين (١ / ٢).
والشاهد فيه : إضافة منذ إلى الجملة الفعلية في قوله : (منذ ابتذلت).
(٢) البيت من الطويل ، وهو لرجل من سلول ، وقيل : للكميت بن معروف الأسدي. وهو في : الكتاب (٢ / ٤٥) ، وشرح الأبيات للسيرافي (١ / ٥٢٢) ، والتذييل (٣ / ٣٤٥) ، والعيني (٣ / ٣٢٤) ، والخزانة (٢ / ٨٩) ، والمطالع السعيدة (ص ٤١٢).
والشاهد فيه : إضافة «مذ» إلى الجملة الاسمية ، وهذا قليل بالنسبة للجملة الفعلية.
اللغة : الضغينة : الحقد. المضطلع بالشيء : القادر عليه المثقل به. واليافع : الذي ناهز الحلم.
(٣) ينسب هذا الرأي إلى الفراء. ينظر : شرح الكافية للرضي (٢ / ١١٨) ، والهمع (١ / ٢١٦).
(٤) شرح التسهيل للمصنف (٢ / ٢١٦ ـ ٢١٨).