[أحكام مذ ومنذ حين تجيئان ظرفا وغير ظرف]
قال ابن مالك : (ومنها مذ ومنذ وهي الأصل ، وقد تكسر ميمهما ويضافان إلى جملة مصرّح بجزأيها أو محذوف فعلها بشرط كون الفاعل وقتا يجاب به متى أو كم ، وقد يجران الوقت أو ما يستفهم به عن حرفين بمعنى من ، إن صلح جوابا لمتى ، وإلّا فبمعنى «في» أو بمعنى «من وإلى» معا ، وقد يغني عن جواب «متى» في الحالين مصدر معيّن الزّمان أو «أنّ» وصلتها ، وليسا قبل المرفوع مبتدأين بل ظرفين خلافا للبصريّين ، وسكون ذال «مذ» قبل متحرك أعرف من ضمها ، وضمّها قبل ساكن أعرف من كسرها).
______________________________________________________
وذكر الشيخ في شرحه أن المذاهب فيها ثلاثة : ـ
مذهب المازني أنها زائدة (١) ، ومذهب الزجاج أنها دخلت على حد دخولها في جواب الشرط ، ومذهب أبي بكير مبرمان (٢) أنها عاطفة ، قال : ورجح أبو الفتح قول المازني ، وذكر عنه وجه الترجيح بما يوقف عليه في كتابه (٣) ، وظهر من كلامه تصحيح مذهب مبرمان ، كما نقل ذلك عن الشلوبين الصغير ، ثم قال : والذي نقطع بأن الفاء عاطفة وقوع غيرها من حروف العطف موقعها ، قال الله تعالى : (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ)(٤).
قال ناظر الجيش : «منذ» أصل «مذ» بدليلين (٥) : ـ
أحدهما : أنّ ذال «مذ» تضم لملاقاة ساكن كما تفعل بميم هم ، وليس ذلك إلا لأن أصلها منذ بالضم ، فروجع بها الأصل حين احتيج إلى تحريكها ، فقيل : لم أره ـ
__________________
(١) ينظر : أبو عثمان المازني (ص ١٥٩) ، والظروف المفردة والمركبة (ص ١٦٦).
(٢) هو محمد بن علي بن سليمان أبو بكر العسكري ، أخذ عن المبرد والزجاج وأخذ عنه الفارسي والسيرافي ، له من التصانيف : شرح كتاب سيبويه ، لم يتم ، وشرح شواهده ، وشرح كتاب الأخفش ، وغير ذلك ، توفي سنة (٣٤٥ ه).
ينظر : بغية الوعاة (١ / ٢٧٥) ، وطبقات ابن شهبة (١٩٤ ، ١٩٥) ، ومعجم المؤلفين (١٠ / ٣٠٧).
(٣) ينظر : سر صناعة الإعراب (١ / ٢٦٤).
(٤) سورة الروم : ٢٠. التذييل (٣ / ٣٣٦ ـ ٣٣٨).
(٥) انظر : شرح التسهيل لابن مالك (٢ / ٢١٦) تحقيق د / عبد الرحمن السيد ، د / محمد بدوي المختون.