.................................................................................................
______________________________________________________
مما يغلط فيه سيبويه ولا من هو دونه (١) ، ولكن الفراء سأله أن يبني منه على مذهبه على أنه معرب من مكانين ؛ لأنه يسمي هذه الأسماء أعني قولهم : أبوك وأخوك وأخواتهما وابنم وامرؤ معربة من مكانين (٢) وهذا عند البصريين محال ؛ لأنه لو جاز أن يجعل في اسم واحد رفعان كما زعموا لجاز أن يتم فيها إعرابان مختلفان ، فيجمع رفع ونصب ، أو نصب وخفض في حال واحد ، وهذا محال ، فكما امتنع ، امتناع إعرابين مختلفين ، كذلك يمتنع اجتماع إعرابين متفقين. فلعل سيبويه قدر أن يجمع جمع السلامة على ما ذكرنا ، ولم يسبق إلى عمله أن في الكلام شيئا يعرب من مكانين ، ولم يصرح له بذلك ليدهشه بقوله : أعد النظر ، ولا يعرفه من أي جهة أخطأ ، فكان يرد بذلك عليه بما يوجبه القياس ، ثم ذكر أبو القاسم قياس هاتين المسألتين على مذهب الفراء والكسائي (٣) وقرر ذلك ، فتركت إيراده خشية الإطالة.
ثم إن الذي قرره عنهما في ذلك لا يبنى عليه قاعدة ، حتى قال أبو القاسم : إن ذلك ليس من كلام العرب ، وإنما هي أوضاع وضعوها ، وذكر بعد ذلك عن المازني كلاما يتعلق بشيء مما ذكره الكوفيون وعن [٢ / ٤٣٤] الأخفش أيضا ، ولا شك أنه قد تقدم في باب الإعراب عند ذكر الأسماء الستة الإشارة إلى مذاهب الناس واختلافهم في إعرابها بما هو (٤) ، وفي ذلك غنية ، ثم قال أبو القاسم : وأما مسألة ـ
__________________
(١) ينظر : مغني اللبيب (١ / ٩٠ ، ٩١) ، وشرح الدماميني على المغني (١ / ١٩١ ـ ١٩٣).
(٢) في سفر السعادة للسخاوي : «على أن قولهم : أخوك وأبوك وما أشبههما معرب من مكانين ، يعنون أن الضمة والواو إعرابان ؛ لأن الرفع في الكلام بالضمة وبالواو ، وليس يقول البصريون : إن هذه الأسماء معربة من مكانين ، وإنما هي أشياء خرجت عن القياس ، فسبيلها أن تحكى ولا يقاس عليها ؛ لأن الشاذ لا يجعل أصلا» ا. ه ، وفي الارتشاف (ص ٢٦٤).
«وذهب الكسائي والفراء إلى أنها معربة بالحركات والحروف معا ، وهو الذي يعنون به أنه معرب من مكانين» ا. ه.
(٣) ينظر : مجالس العلماء للزجاجي (٨ / ١٠) تحقيق عبد السّلام هارون ، والإنصاف (٢ / ٧٠٢ ـ ٧٠٦) ، وسفر السعادة ، والأمالي الشجرية (١ / ٢٢٩ ، ٢٣٠).
(٤) في سفر السعادة لعلم الدين السخاوي : «وللبصريين في هذه الأسماء أقوال : كان المازني يقول : ضمة الباء إعراب والواو إشباع يؤكد الإعراب ، وإذا قلت : أباك فالفتحة إعراب والألف إشباع ، وكذلك لأبيك : الكسرة إعراب والياء إشباع ، قال : ونظيره في الأفعال هو يضربو ؛ فالباء حرف الإعراب والضمة الإعراب والواو للإطلاق والإشباع. ومثله : «أضلونا السبيلا» قال أبو عثمان : فإن قال قائل :