.................................................................................................
______________________________________________________
متى ، ومن حيث هو معدود صالح لجواب كم ، والذي يظهر أن المحرم ونحوه من أسماء الشهور إن نظر إليه من أصله فحقه أن يصح وقوعه في جواب متى ؛ لكونه اسم زمان مختصّا بالتعريف ، ولكنهم نظروا إلى معناه ، فقالوا : المراد منه العدد الخاص ، فكان العدد هو المقصود منه ، فمن ثم حكم له بحكم الأسماء الدالة على العدد صريحا ، فجعل واقعا في جواب كم دون جواب متى ، واعلم أن المبهم من الظروف بمنزلة المعدود في أنه لا يكون العمل إلا في جميعه ، وإنما لم يتعرض المصنف إليه ، لوضوحه ، لأنك إذا قلت : سرت حينا أو زمانا كان من المعلوم أنك لا تريد به من الزمان إلا القدر الذي وقع فيه السير خاصة (١) ، ثم الإشارة بعد ما ذكرنا إلى أمور :
١ ـ منها : أن العقل قاض بأن ما صلح أن يكون جوابا لكم من الظروف لا يعمل فيه من الأفعال إلا ما يتكرر ويتطاول ، لكنهم تعرضوا إلى ذكر ذلك مع أنه غير محتاج إليه (٢) ، قال ابن عصفور ـ بعد أن ذكر أن ذلك شرط ـ : لو قلت : مات زيد يومين وأنت تريد الموت الحقيقي لم يسغ ذلك.
٢ ـ ومنها : أن الكوفيين يزعمون أن ما كان العمل في جميعه ليس منصوبا انتصاب الظرف (٣) ، وإنما هو منصوب انتصاب المشبه بالمفعول به ؛ لأن الظرف إنما ينتصب على تقدير «في». و «في» عندهم تقتضي التبعيض فإذا عم الفعل الظرف امتنع تقديره بفي لذلك (٤) ، وابطل ابن عصفور دعواهم أن «في» تقتضي التبعيض ـ
__________________
(١) في شرح الجمل لابن عصفور (١ / ٣٢٧): «فالمبهم : ما يقع على قدر من الزمان غير معين نحو :
وقت وزمان وأمثال ذلك». اه.
ومفهوم العبارة كما قال الشارح : أن العمل يكون واقعا في جميع الزمان المبهم ويعني به القدر الذي وقع فيه العمل. وينظر : المطالع السعيدة (ص ٣١٠).
(٢) ينظر : التذييل (٣ / ٣٠٣).
(٣) انتصابه انتصاب الظرف هو مذهب البصريين. ينظر : الهمع (١ / ١٩٨).
(٤) ينظر : الهمع (١ / ١٩٨) وبرأي الكوفيين قال السهيلي في نتائج الفكر (ص ٣٨٢) وعبارته فيه هي : واعلم أنه ما كان من الظروف له علم فإن الفعل إذا وقع فيه تناول جميعه ، وكان الظرف مفعولا على سعة الكلام ، فإذا قلت : سرت غدوة فالسير واقع في الوقت كله ، وكذلك سرت السبت والجمعة ، وسرت المحرم وصفر. وكل هذا مفعول على سعة الكلام لا ظرف للفعل. اه.