.................................................................................................
______________________________________________________
الرابع :
قد عرفت قول المصنف : وينصبه مفهم الحدث المصاحب في الأصل حرف جر ، وهو كلام حسن ، قال الشيخ : وهو مذهب سيبويه (١) ، والفارسي (٢) ، وهو الأصح بدليلين : ـ
أحدهما : أنك إذا أضمرته وصل الفعل إليه باللام نحو : ابتغاء ثواب الله هو الذي تصدقت له ، فدل الوصول إليه باللام على أن الأصل أن يصل إلى الظاهر باللام ؛ لأن المضمرات كثيرا ترد الأشياء إلى أصولها.
والثاني : ما ذكره سيبويه والفارسي من أنه في جواب : لمه؟ والجواب أبدا على حسب السؤال في مختار كلامهم ، فأصل جواب من يقول : لم ضربت زيدا؟ أن يكون : ضربته للتأديب ، إلا أن اللام أسقطت ونصب لشبهه بالمصدر ؛ لأن معنى : ضربت زيدا تأديبا ، أدبت زيدا بضربي له تأديبا ، فانتصب لذلك ، إذ الفعل قد يعدى تعدية الفعل الذي في معناه ، ولذلك إذا اختل شرط تعدي إليه بحرف العلة (٣). انتهى.
ولما كان انتصابه إنما هو على الوجه الذي ذكره ـ أتبع المصنف كلامه الأول بقوله : (لا نصب نوع المصدر ؛ خلافا لبعضهم). فأشار بذلك إلى ما يقال : إنه مذهب الكوفيين من أن المفعول له ينتصب انتصاب المصادر ، وقيل : إنهم لم يترجموا له لذلك ، وقال بعض البصريين بذلك ، والمشهور أنه الزجاج (٤) ، ولكن قد أنكر المصنف ثبوت ذلك عنه كما تقدم ؛ ولهذا نسب ذلك في متن الكتاب إلى بعضهم ، وهذا المذهب ليس بصحيح ، والدليل على بطلان نصبه على المصدر ، أنه لو كان كذلك لجاز أن يقام مقام الفاعل ، وهو ممتنع بالإجماع.
الخامس :
يجوز تقديم المفعول له على عامله إن لم يكن فيه مانع ، قال الشاعر (٥) : ـ
__________________
(١) ينظر : الكتاب (١ / ٣٦٧ ـ ٣٧٠ ، ٣٩٠) ، (٣ / ١٢٦).
(٢) ينظر : الإيضاح للفارسي (ص ١٩٧).
(٣) التذييل (٣ / ٢٦١).
(٤) ينظر : التذييل (٣ / ٢٦١) ، والهمع (١ / ١٩٤ ، ١٩٥) ، وشرح الكافية للرضي (١ / ١٩٢) ، وحاشية الخضري (١ / ١٩٤).
(٥) هو الكميت ، وهذا البيت مطلع قصيدة يمدح فيها أهل البيت.