.................................................................................................
______________________________________________________
إن قام زيد والله يقم عمرو ، وو الله إن قام زيد ليقومن عمرو ، فكذلك ينبغي أن يكون الاختيار إعمال الأول ، ثم أجاب عن ذلك ، بأن قولهم : إذا اجتمع طالبان ، وتأخر عنهما مطلوب ؛ فإن العرب تجعل المطلوب للمتقدم منهما ، غير مسلم على الإطلاق ؛ بل لا يخلو أن يكونا عاملين ، أو غير عاملين ؛ فإن كانا غير عاملين ، أو كان أحدهما عاملا دون الآخر ؛ فربما كان الأمر على ما ذكروا ، وأما إذا اجتمع عاملان ؛ فإن المعمول للمتأخر منهما ، نحو : إن لم يقم زيد قام عمرو ، فـ «يقوم» قد تقدمه عاملان ، وهما «إن ولم» ، والذي يعمل فيه منهما هو المتأخر ، وهو «لم» بدليل أن أداة الشرط ، إذا جزمت فعل الشرط ؛ فإنه يقبح استعمال الجواب غير مجزوم في اللفظ ؛ بل لا يوجد ذلك إلا في ضرورة شعر ، كقوله :
١٣٧٦ ـ من يكدني بسيّئ كنت منه |
|
...... البيت (١) |
انتهى (٢).
ولا يخفى على من له أدنى نظر أن العاملين في : إن لم يقم زيد ، لم يجتمعا ؛ لأن المراد باجتماع العاملين اجتماعهما على معمول واحد ، لا اجتماع مجاورة ولا شك أن الطالب للفعل الذي هو يقوم إنما هو لم خاصة ، وأما «إن» فمطلوبها «لم يقم» (خاصة) (٣) ، ولم تكن طالبة لـ «يقم» ؛ لأنها لو كانت طالبة له فسد المعنى المراد ؛ لأن قيام عمرو إنما رتب على نفي قيام زيد لا على قيامه ، وأين هذا الجواب من جواب المصنف؟
ومما استدل به ابن عصفور لمذهب البصريين ، أن قال : إذا كانت العرب قد لحظت المجاورة مع فساد المعنى في مثل قولهم : هذا جحر ضب خرب ، فبالأحرى أن يلحظوا المجاورة مع صلاح المعنى ، قال : وأما ما يؤدي إليه إعمال الثاني في بعض المسائل من ـ
__________________
(١) صدر بيت من الخفيف لأبي زبيد الطائي وعجزه :
كالشّجا بين حلقه والوريد
والبيت في : المقتضب (٢ / ٥٩) ، وشرح الجمل لابن عصفور (١ / ٦١٤) ، ومعاني القرآن للفراء (٢ / ٤٢٧) ، والبحر المحيط (٤ / ٢٧٠) ، وشرح المكودي على الألفية (ص ٢١٩) ، وديوانه (ص ٥٢).
ويستشهد بهذا البيت أيضا على مجيء فعل الشرط مضارعا ، والجواب ماضي اللفظ ، وهذا عند سيبويه مخصوص بالشعر. ينظر : البحر المحيط (٤ / ٢٧٠).
(٢) شرح الجمل لابن عصفور (١ / ٦١٣ ، ٦١٤).
(٣) ساقط في (ب).