.................................................................................................
______________________________________________________
أحدهما : أنهما إذا اجتمعا بعد مبتدأ استغني بجوابه ؛ تقدم على القسم ، أو تقدم القسم عليه.
والثاني : أن الشرط قد يغني جوابه بعد قسم ، لا مبتدأ قبله ، كقول الشاعر (١) :
١٣٧٥ ـ لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا |
|
أصم في نهار القيظ للشّمس باديا (٢) |
ولا يستغنى بجواب قسم متأخر أصلا ، فقد علم بهذا الفرق بين اجتماع الشرط والقسم ، وبين تنازع العاملين ، وصح ما اخترناه والحمد لله ، هذا آخر كلامه رحمهالله تعالى (٣) ، وهو كلام لطيف مفيد مع سلاسته ، وإيجازه ؛ ولكنه وعر في الجواب الثالث ، ومكلف ، ولم يتحصل به المقصود ، ومع ذلك والذي يظهر في الجواب التفرقة بين البابين بشيء وهو أن النظر في باب التنازع ، إنما هو إلى العمل ، ولا شك أن الأصل أن بنى المعمول عامله ولا يفصل بينهما ، فمن ثم رجح عمل المتأخر على المتقدم.
وأما اجتماع الشرط والقسم ، فبالنظر فيه إلى الحذف والمحذوف ، لابد له من دليل يدل عليه ، والجواب الذي يذكر بعد الشرط والقسم ، دليل على ما لم يذكر ، والأولى في الدال أن يكون متقدما على المدلول ؛ فمن ثم تعين أن يكون الجواب المذكور لما تقدم من شرط أو قسم ويكون المحذوف جوابا للمتأخر.
وقد ذكر ابن عصفور الاستدلال على مذهب الكوفيين فقال : الاختيار عند أهل الكوفة إعمال الأول ؛ محتجين لصحة مذهبهم بأن المتقدم أولى بالإعمال ، ثم قال : ومما يقوي مذهبهم أن يقولوا : قد وجدنا من كلام العرب أنه متى اجتمع طالبان ، وتأخر عنهما مطلوب ، وكل واحد منهما يطلبه من جهة المعنى ؛ كان التأثير للمتقدم منهما دليل ذلك القسم والشرط إذا [٢ / ٣٤٨] اجتمعا ؛ فإن العرب تبني الجواب على الأول منهما وتحذف جواب الثاني ؛ لدلالة جواب الأول عليه ، تقول : ـ
__________________
(١) امرأة من عقيل.
(٢) البيت من الطويل وهو في : المغني (١ / ٢٣٦) ، وشرح شواهده (٢ / ٦١٠) ، والخزانة (٣٥٨) ، والعيني (٤ / ٢٣٨) ، والتصريح (٢ / ٢٠٤) ، والهمع (٢ / ٤٣) ، والدرر (٢ / ٥٠) ، والأشموني (٤ / ٢٩).
وقد استشهد ابن مالك بهذا البيت على أن الجواب فيه للشرط ، واستغني به عن جواب القسم ، مع أن القسم متقدم على الشرط ؛ وذلك لأنه لا مبتدأ قبله.
(٣) شرح التسهيل للمصنف (٢ / ١٧١).