.................................................................................................
______________________________________________________
تقديرهما : ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ، ولأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ؛ فإن جواز هذا مرتب على تقدير اللام وتقدير الجر بها (١) ، وهو عند سيبويه أقوى من جعل «أن» في موضع نصب كما يراه الخليل (٢) ، ولو قدر نصبا لم يجز تقديمها ؛ كما لا يتقدم في علمت أن زيدا منطلق ؛ فإن المنصوب بحذف حرف الجر فرع المنصوب بمتعدّ ، ولا يقع إلا حيث يقع ، ومنصوب الفعل يعم المفعول به والظرف وغيرهما ، فإذا كان أحد أسماء الاستفهام أو الشرط ؛ وجب تقديمه على الفعل ، نحو : من رأيت؟ ، وأيهم لقيت؟ ، ومتى قدمت؟ ، وأين أقمت؟ ، ومن تكرم يكرمك ، وأيهم تدع يجبك ، ومتى تعن تعن ، وكذا المضاف [٢ / ٣٢٢] إلى شيء منها ، نحو : غلام من رأيت؟ وفعل أيهم استحسنت؟ وكذا المنصوب بفعل وقع جوابا «لأمّا» ، نحو : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(٣) ، وما سوى ذلك من منصوب بفعل متصرف ؛ فجائز تقديمه عليه إن ظهر النصب ، أو أغنى عن ظهوره قرينة ، نحو : زيدا ضرب عمرو ، وحبارى صاد موسى ، فإن كان الفعل صلة حرف أو مقرونا بلام الابتداء أو القسم ؛ وجب تأخير ما يتعلق به ، نحو : من البر أن تكف لسانك ، وإن الله ليحب المحسنين ، وو الله لأقولن الحق (٤) ، فإن خلا الفعل من ذلك ؛ جاز تقديم منصوبه عليه مطلقا خلافا للكوفيين في منع ، نحو : زيدا غلامه ضرب (٥) ، وغلامه ضرب زيد (٦) ، وغلام أخيه ضرب زيد (٧) ، وما أراد أخذ زيد (٨) ، وما طعامك أكل إلا زيد (٩) ؛ فإن الكوفيين يمنعون هذه المسائل وأشباهها ، وهي جائزة لثبوت استعمالها (١٠).
فمثال زيدا غلامه ضرب ، قول رجل من طيئ في كعب بن زهير وأخيه رضي الله تعالى عنه ورحم كعبا : ـ
__________________
(١) ينظر : معاني القرآن للأخفش (١ / ٨٢).
(٢) ينظر : الكتاب (٣ / ١٢٦ ، ١٢٧).
(٣) سورة الضحى : ٩.
(٤) ينظر : التذييل (٣ / ٩٠) ، والهمع (١ / ١٦٦) ، والتصريح (١ / ٢٨٤ ، ٢٨٥).
(٥) أي : إذا كان الفاعل متصلا به ضمير المفعول ، وقدم المفعول على الفاعل والفعل كما في هذا المثال.
(٦) في هذا المثال قدم المفعول المتصل به ضمير الفاعل ، وقد توسط الفعل بينهما.
(٧) في هذا المثال قدم المفعول المضاف إلى ما اتصل به ضمير الفاعل.
(٨) في هذا المثال قدم المفعول متحملا ضمير الفاعل ، وقد توسط الفعل بينه وبين الفاعل.
(٩) في هذا المثال قدم المفعول على الفاعل المحصور بإلّا ، وقد توسط الفعل بينهما.
(١٠) ينظر : التذييل (٣ / ٩١ ، ٩٢) ، وتعليق الفرائد (ص ١٤٢٥ ، ١٤٢٦).