ـ والجبل ، وضرب فلان الظهر والبطن ؛ فلا يقاس على هذه الأسماء وما أشبهها غيرها (١).
قال المصنف (٢) : وإذا ثبت أن اللازم ، هو المفتقر إلى حرف جر ، فليعلم أن الأصل أن لا يحذف حرف الجر ؛ فإن ورد حذفه وكثر ، قبل وقيس عليه ؛ يعني كما قيل في دخلت ؛ وإن لم يكثر قبل ولم يقس عليه ؛ يعني كما قيل : في توجّه ، وذهب ، ومطرنا السهل والجبل ، وضرب فلان الظهر والبطن ؛ وأما تضمين معنى يوجب ذلك ؛ فنحو قول بعضهم (٣) : رحبكم الدخول في الطاعة ، فإنه ضمنه معنى وسع ، فأجراه مجراه ، ومنه قول علي : إن بشرا طلع اليمن (٤) ، ضمنه معنى بلغ ، وقد قالوا في قوله تعالى : (وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ)(٥) : إنه ضمنه معنى : ولا تعقدوا (٦) ، قالوا : وإذا دخل التأويل فيما يتعدى بنفسه ، فنقل إلى ما لا يتعدى بنفسه ، كقوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)(٧) فضمن معنى (يُخالِفُونَ) معنى الخروج والانفصال ، فعدّي بعن (٨) فهنا أجوز ؛ لأنه نقل من الأضعف إلى الأقوى [٢ / ٣١٣].
واعلم أن المصنف لما ذكر أن حرف الجر يحذف فيصل الفعل اللازم إلى الاسم بنفسه ، مثل لذلك بقوله تعالى : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)(٩) ، وبقوله تعالى : (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ)(١٠) ، وقال : الأصل : على صراطك ، وعن أمر ربكم ، وأنشد البيتين المحكوم بشذوذهما عقب ذكر الآيتين الشريفتين ، فأوهم ذلك أن حذف الحرف في الآيتين الشريفتين محكوم بشذوذه ، وليست هذه عادته في الكتاب العزيز ، والحكم بالشذوذ في ذلك صعب شديد ، ولا يبعد أن الفعلين ضمنا معنى ما يتعدى بنفسه ، فأجريا مجراه فضمن (لَأَقْعُدَنَ) معنى : «لأرصدن» ، و (أَعَجِلْتُمْ)
__________________
(١) ينظر : الكتاب (١ / ١٥٨ ، ١٥٩).
(٢) شرح التسهيل للمصنف (٢ / ١٤٨ ، ١٤٩) تحقيق د / عبد الرحمن السيد ، وزميله.
(٣) هو نصر بن سبيار أمير خراسان في الدولة الأموية ، وكان أول من ولاه هشام بن عبد الملك ، ينظر : اللسان مادة «رحب» ، والتذييل (٣ / ٦٨).
(٤) ينظر : شرح الأشموني (٢ / ٩٧).
(٥) سورة البقرة : ٢٣٥.
(٦) ينظر : إملاء ما من به الرحمن (١ / ٩٩).
(٧) سورة النور : ٦٣.
(٨) ينظر : الكشاف (٢ / ١٠٢) ، وإملاء ما منّ به الرحمن (٢ / ١٦٠) ، وتفسير البيضاوي (٦ / ٣٦٥).
(٩) سورة الأعراف : ١٦.
(١٠) سورة الأعراف : ١٥٠.