.................................................................................................
______________________________________________________
تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)(١) فجوز «أيكم» أن تكون موصولة حذف صدر صلتها فبنيت وهي بدل ضمير المخاطب بدل بعض من كل ، والعائد محذوف والتقدير : ليبلوكم الذي هو أحسن عملا منك (٢) انتهى.
وانظر إلى ما آل إليه هذا التخريج ، وما يلزمه من البعد عن الفصاحة ، واعلم أن دعوى التعليق في قوله تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) مشكلة فإن الفعل قد عمل في ضمير المخاطبين فكيف يكون معلقا مع كونه معملا ، ولا يقال عدم تسلطه على الجملة التي هي (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) دليل تعليقه (٣) عنها ، لأن الجملة الواقعة في موضع المفعول الثاني ، ولو لم يكن فيها ما يوجب التعليق لا تسلط للعامل عليها نحو أن تقول : علمت زيدا أبوه قائم ، فشأن الجملة الواقعة بعد أن يأخذ العامل معمولا ذلك ، فلا فرق بين المشتملة على ما يوجب التعليق ، وبين ما لم تكن مشتملة على ذلك.
المبحث الثالث :
قد عرفت أن يونس قد علق (لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ ،) وأن مذهب سيبويه والخليل عدم القول بالتعليق وهو الحق (٤). قال ابن أبي الربيع : قد علم أن مذهب البصريين أنه لا يعلق إلا ما هو من الأفعال القلبية ، وإلا ما هو من سببها ، وزاد الكوفيون فقالوا : وإلا ما كان مسببا عنها ، وذكر الآية الشريفة ثم قال : وهذا الذي قالوه يلزم عنه أن «أضرب» أزيد في الدار أم عمرو ، على تقدير أعلم أزيد في الدار أم عمرو فاضربه ، وهذا مما لا يثبت بدليل لا يحتمل تأويلا انتهى. ثم إن الشيخ ناقش المصنف في قوله في الشرح : وعلق «نسي» لأنه ضد علم ، فقال : ليس ضد العلم النسيان ولكن ضده الجهل ، وضد النسيان الذكر بالقلب (٥) انتهى.
والذي يظهر أن المصنف عبر عن المتلازمين بالآخر ، إذ لا يخفى التلازم بين ـ
__________________
(١) سورة الملك : ٢.
(٢) التذييل (٢ / ١٠٢٣ ـ ١٠٢٤).
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء (٣ / ١٦٩).
(٤) ينظر الكتاب (٢ / ٣٩٨).
(٥) التذييل (٢ / ١٠٢٤).