.................................................................................................
______________________________________________________
القسم لا تستغني في مثل (لَيَحْكُمُ) عن نون التوكيد إلا قليلا ، ولما كان مصحوب اللام في الأصل المبتدأ وكان معنى الابتداء باقيا مع دخول «إنّ» اختصت بدخولها معها لذلك ولتساويها في التوكيد (١) ، وحسن اجتماع توكيدين بحرفين كما حسن اجتماعهما باسمين نحو : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)(٢) ، وموضعها في الأصل قبل «إنّ» لأنها تعلق أفعال القلوب وهي أقوى عملا من «إنّ» ، فلو أخرت ولم ينو تقديمها لعلقت «إنّ» وإلا لزم ترجيحها على أفعال القلوب ، وأزيلت لفظا عن موضعها الأصلي كراهية لتقدم توكيدين مع أنّ حق المؤكّد أن يؤخر عن المؤكّد (٣) ، وقصدوا التنبيه على موضعها الأصلي فأولوها «إنّ» مجعولة همزتها «هاء» (٤) ، ولكون اللام في الأصل للمبتدأ قدمت اتصالها بغيره وبينت أن ذلك مشروط بفصل الاسم من «إنّ» ، ولا فرق بين الفصل بالخبر نحو : إن عندك لزيدا وبين الفصل بمعمول الخبر نحو : إن فيك لزيدا راغب (٥) ولم أقيد تأخير الخبر بقرب ، ليعلم أنّ بعده لا يضر كقول الشاعر :
٩٦٤ ـ وإنّي على أنّي تجشّمت هجرها |
|
لما ضمنتني أمّ سكن لضامن (٦) |
وكقول الآخر :
٩٦٥ ـ وإنّ امرأ أمسى ودون حبيبه |
|
سواس فوادي الرّسّ فالهميان |
لمعترف بالنّأي بعد اقترابه |
|
ومعذورة عيناه بالهملان (٧) |
__________________
(١) ينظر إصلاح الخلل لابن السيد (١٦٤) ، وشرح المفصل لابن يعيش (٨ / ٦٣).
(٢) سورة الحجر : ٣٠.
(٣) ينظر شرح المفصل لابن يعيش (٨ / ٦٣) ، وشرح الألفية للمرادي (١ / ٣٣٤) ، وشرح الألفية لابن الناظم (٦٥) ، وشرح الكافية للرضي (٢ / ٣٥٥) ، وابن عقيل (١ / ١٣٤) ، والأشموني (١ / ٢٧٩).
(٤) ينظر رصف المباني (١٢١) ، وشرح الجمل لابن عصفور (١ / ٤٣٢) ط. العراق.
(٥) ينظر الإيضاح للفارسي (١١٧ ـ ١١٨) ، والمطالع السعيدة (ص ٢٢٨) ، وأوضح المسالك (١ / ٩٢) ، والتوطئة (٢٠٤).
(٦) البيت في التذييل (٢ / ٧٠٨) ، لقائل مجهول.
والشاهد قوله : (وإني ... لضامن) حيث دخلت اللام على خبر «إنّ» المؤخر مع بعده عن «إنّ» واسمها لأن البعد لا يضر.
(٧) البيتان في التذييل (٢ / ٧٠٩) لقائل مجهول.