.................................................................................................
______________________________________________________
وأما المصنف فإنه جمع بين الأمرين ، أعني : تعداد الأماكن التي يتعين فيها الكسر والتي يتعين فيها الفتح ، والتي يجوز فيها الأمران ، والضابط لذلك بذكر قاعدة لا يتوجه عليها نقض بشيء من الصور التي نقض بها على غيره.
وحاصل الأمر : أنه أورد ذلك إيرادا لم يقع لغيره ، وأنا أورد كلامه أولا ثم أتبعه بما يحتاج إلى التنبيه عليه ، قال رحمهالله تعالى : «إنّ» بالكسر أصل ، لأن الكلام معها جملة غير مؤولة بمفرد وأنّ الفتح فرع لأن الكلام معها مؤول بمفرد.
وكون المنطوق به جملة من كل وجه أو مفردا من كل [٢ / ١٠٤] وجه أصل ، لكونه جملة من وجه ، مفردا من وجه. ولأن المكسورة مستغنية بمعمولها عن زيادة ، والمفتوحة لا تستغني عن زيادة ، والمجرد من الزيادة أصل للمزيد فيه ولأن المفتوحة تصير مكسورة بحذف ما تتعلق به كقولك في عرفت أنك بر : أنك بر ، ولا تصير المكسورة مفتوحة إلا بزيادة كقولك في «إنك بر» عرفت أنك بر والمرجوع إليه بحذف أصل للمتوصل إليه بزيادة (١).
ولكون المكسورة أصلا قلت : يستدام كسر «إن» ما لم تؤول هي ومعمولها بمصدر فعلم بذلك أن الكسر لازم للمبدوء بها لفظا ومعنى نحو (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ)(٢) وللمبدوء بها معنى لا لفظا (٣) ، نحو : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ)(٤) والموصول بها نحو : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ)(٥) ، والمجاب بها قسم نحو : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ)(٦) والمحكية بالقول نحو : (قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ)(٧) والواقعة موقع الحال نحو : (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ)(٨) ، ومنه قول الشاعر :
٩٤٨ ـ ما أعطياني ولا سألتهما |
|
إلّا وإنّي لحاجزي كرمي (٩) |
__________________
(١) ينظر شرح التسهيل للمرادي (١ / ٤٢٨) ، والمطالع السعيدة (ص ٢٢٦ ـ ٢٢٧) ، والهمع (١ / ١٣٨).
(٢) سورة الكوثر : ١.
(٣) ينظر إصلاح الخلل (ص ١٧٧) ، والأشموني (١ / ٢٧٤).
(٤) سورة البقرة : ١٣.
(٥) سورة القصص : ٧٦.
(٦) سورة الدخان : ٣.
(٧) سورة مريم : ٣٠.
(٨) سورة الأنفال : ٥.
(٩) البيت من المنسرح وهو لكثير عزة. وهو في شرح الكافية الشافية (١٤٦) ، وشرح عمدة الحافظ (١٣٠) ، والكتاب (٣ / ١٤٥) ، والمقتضب (٢ / ٣٤٦) ، والتذييل (٢ / ٦٧٥) ، والعيني (٢ / ٣٠٨)