.................................................................................................
______________________________________________________
واستشهد أيضا بقول الآخر :
٩٠٩ ـ كأنّني حين أمسي لا تكلّمني |
|
ذو بغية يبتغي ما ليس موجودا (١) |
والصحيح أن «كأن» لا يفارقها التشبيه ، ويخرج البيت الأول على أن هشاما وإن مات فهو باق ببقاء من يخلفه سائرا بسيرته ، وأجود من هذا أن تجعل الكاف من «كأن» في هذا الموضع كاف التّعليل المرادفة للّام (٢) ، كأنه قال :
وأصبح بطن مكّة مقشعرّا |
|
لأنّ الأرض ليس بها هشام (٣) |
وعلى هذا حمل قوله تعالى : (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ)(٤) فقيل : معناه : أعجب لأنه لا يفلح الكافرون (٥) ، وأكثر ما ترد الكاف بهذا المعنى مقرونة «بما» كقوله تعالى : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ)(٦) ، ومنه ما حكى سيبويه من قول بعضهم : «كما أنه لا يعلم فيغفر الله له» (٧) ، وأما البيت الثاني فلا حجة فيه ، لأن التشبيه فيه يتبين بأدنى تأمل وكون «ليت» للتمني و «لعل» للترجي ظاهر والفرق بينهما أن التمني يكون في الممكن وغير الممكن ، والرجاء لا يكون إلا في الممكن وتكن «لعل» للإشفاق (٨) كقوله
تعالى : (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ)(٩) ومنه قول الشاعر : ـ
__________________
(١) البيت من البسيط وهو لعمر بن أبي ربيعة وقيل ليزيد بن الحكم كما في الخزانة. (٣ / ٩٦) عرضا ، والمغني (٢ / ٣٦٩) ، وشرح شواهده (٢ / ٧٨٨) ، والمحتسب (٢ / ١٥٥) ، والتذييل (٢ / ٦١٣) ، وابن يعيش (٤ / ٧٧) ، وديوان عمر بن أبي ربيعة (٣١٢) ، واللسان (عود).
والشاهد فيه : استعمال «كأن» مرادا بها التحقيق كما يرى الكوفيون.
(٢) ينظر المغني (١ / ١٩٢) ، والهمع (١ / ١٣٣).
(٣) تقدم.
(٤) سورة القصص : ٨٢.
(٥) ينظر معاني القرآن للفراء (٢ / ٣١٢) ، والكشاف (٢ / ١٧٢).
(٦) سورة البقرة : ١٩٨.
(٧) الكتاب (٣ / ١٤٠).
(٨) ينظر الكتاب (٤ / ٢٣٣) ، والمغني (١ / ٢٨٧) ، وشرح الألفية للمرادي (١ / ٣٣٤) ، والتصريح (١ / ٢١٣).
(٩) سورة الشعراء : ٣.