الرجز كما يبدو لأبي النجم ، وقوله : ما أجنّ ، صيغة تعجب من الجنون ، وهو شاذ لا يقاس عليه.
والشاهد : أنّ معناه : وشعري الآن هو شعري المشهور المعروف بنفسه ، لا شيء آخر ، فعدم مغايرة الخبر للمبتدأ إنما هو في اللفظ ، وأما في المعنى فهو مغايره بقيد الشهرة ، وعليه فسّر الزمخشري : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ.) [الواقعة / ١٠] ، [شرح أبيات المغني / ٥ / ٣٤٠ ، والخصائص / ٣ / ٣٣٧ ، والمرزوقي / ١٦١ ، والهمع / ١ / ٦٠].
(٢٦٢) باعد أمّ العمرو من أسيرها |
|
حراس أبواب على قصورها |
هذا رجز لأبي النجم العجلي ، واسمه الفضل بن قدامة ، وهو أحد رجّاز الإسلام المتقدمين ، والشاهد أنّ (ال) دخلت على «عمرو» لضرورة الشعر ، وأراد بأسيرها ، نفسه لأن حبّها أسره. [شرح المفصل / ١ / ٤٤ ، والهمع / ١ / ٨٠ ، والإنصاف / ٣١٧ ، وشرح أبيات المغني / ١ / ٣٠٢].
(٢٦٣) لو بغير الماء حلقي شرق |
|
كنت كالغصّان بالماء اعتصاري |
البيت من قصيدة لعدي بن زيد العبادي أرسلها للنعمان بن المنذر ، وكان محبوسا عنده ثم قتله ، يقول : لو شرقت بغير الماء ، أسغت شرقي بالماء فإذا غصصت بالماء ، فبم أسيغه ، وقد صار البيت مثلا للتأذي ممن يرجى إحسانه ، والاعتصار : أن يغصّ الإنسان بالطعام فيعتصر بالماء وهو أن يشربه قليلا قليلا ليسيغه ، وتحقيقه أنّ معنى الاعتصار : الالتجاء كأنه قال : إذا غصصت بطعام لجأت إلى الماء لتسويغه ، فإذا غصصت بالماء بماذا أسوغه ، يعني أن النعمان كان بمنزلة الماء للشاعر ، فكيف وقد صار الماء هو الداء ، فبماذا يداويه؟.
والشاهد في البيت : أنّ «لو» دخلت في الظاهر على جملة اسمية ، وهي قوله : (حلقي شرق) مبتدأ وخبر ، والترتيب : لو حلقي شرق بغير الماء ، الجار والمجرور متعلقان بـ (شرق) ، وقيل : حلقي : فاعل لفعل مضمر بعد «لو» يفسره «شرق» كأنه قال : لو شرق حلقي بغير الماء ، ويعرب «شرق» خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هو شرق» ، والجار والمجرور (بغير) يتعلقان بالفعل المحذوف. [سيبويه / ١ / ٤٦٢ ، والهمع / ٢ / ٦٦ ، والأشموني / ٤ / ٤٠ ، وشرح أبيات المغني / ٥ / ٨٢].