الحماسة قالها الشاعر في معركة «مرج راهط» أيام مروان بن الحكم ، وكان الشاعر في جيش الضحاك بن قيس الفهري ، يدعو لابن الزبير. وقوله : «كل بيضاء شحمة» هذا من قولهم «ما كلّ بيضاء شحمة» ومثله «ما كل سوداء تمرة» ومعناه ليس كل ما أشبه شيئا يكون ذلك الشيء ، وجذام ، وحمير .. قبيلتان من أصل يمني ، كانتا تحاربان في صفّ مروان بن الحكم. والمعنى : إننا ظننا أن سبيل هاتين القبيلتين كسبيل سائر الناس لما التقينا معهم ، بأنا نقهرهم قهرا قريبا ، ثم وجدناهم بخلافه ، ومما يستجاد بعد البيت الشاهد :
فلما قرعنا النّبع بالنّبع بعضه |
|
ببعض أبت عيدانه أن تكسّرا |
ولما لقينا عصبة تغلبيّة |
|
يقودون جردا للمنيّة ضمّرا |
سقيناهم كأسا سقونا بمثله |
|
ولكنهم كانوا على الموت أصبرا |
وهذه ـ لعمري ـ الروح الرياضية الحقة ، حيث اعترف لعدوّه بالتفوق في الصبر على المكاره ، مع شدة بأس جماعته.
والبيت الشاهد : ذكره الكوفيون ، شاهدا على أن «قد» تقدر قبل الفعل الماضي الواقع خبرا لكان ، واشترطها البصريون قبل الفعل الماضي الواقع حالا ، ظاهرة أو مقدرة. [شرح أبيات المغني / ٧ / ٢٣٠].
(١٦٢) فطافت ثلاثا بين يوم وليلة |
|
وكان النكير : أن تضيف وتجأرا |
البيت للنابغة الجعدي الصحابي ، رضياللهعنه ، يصف الشاعر بقرة وحشية أكل السبع ولدها ، فطافت ثلاثة أيام وثلاث ليال تطلبه ، ولا إنكار عندها إلا الإضافة ، وهي الجزع والإشفاق والجؤار ، وهو الصياح. والنكير : الإنكار ، أي : ما عندها حين فقدته إلا الشفقة والصياح ، وهذا البيت من القصيدة الطويلة التي أنشدها للنبي صلىاللهعليهوسلم ومنها :
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى |
|
ويتلو كتابا كالمجرّة نيّرا |
ومن أواخرها :
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا |
|
وإنا لنرجو بعد ذلك مظهرا |
ولا خير في حلم إذا لم يكن له |
|
بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا |
ولا خير في جهل إذا لم يكن له |
|
حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا |