وفي رأيي أن الشاعر لم يوفق في كتابة قصته ، لأنه لم يوفر لها عنصر التشويق ، حيث هجم على موضوعه ، فلم يستمتع القارىء بفنية الحوار الذي يكون بين عاشقين .. وهذا يعطيك دليلا على أن كثيرا من قصص عمر ، قد تكون موضوعة عليه. [شرح أبيات مغني اللبيب / ٧ / ٣٢١].
(١٦٢) وهل أنا إلا من غزيّة إن غوت |
|
غويت إن ترشد غزيّة أرشد |
البيت من قصيدة لدريد بن الصمّة ، رثى بها أخاه وأوردها أبو تمّام في الحماسة ودريد ، قتل في غزوة حنين ، كافرا ، وغزيّة : رهط الشاعر. والبيت لا يستقيم معناه إلا في سياق أبيات سبقته ، لأن قراءته مفردا يعني أنه يتابع قومه على غيهم ورشدهم .. وليس هذا مراد الشاعر .. وإنما يريد أن يرسم الشاعر مبدأ جماعية القرار ، بحيث يكون الفرد ملزما باتباع رأي الغالبية وإن كان يخالفهم في الرأي ، وكان الحق معه وهم على غير الحقّ فيما يرى .. ولكن الفرد هنا ليس تابعا سائما وإنما هو ملزم بأن يعلن رأيه ويوضح للجماعة موقفه ، فإن قبلوا فذاك هو المراد ، أما إن عافوا رأيه فعليه الإذعان لرأي الجماعة وليس الانشقاق والعصيان .. ولذلك يقول قبل البيت السابق :
وقلت لعرّاض وأصحاب عارض |
|
ورهط بني السّوداء والقوم شهّدي |
علانية ظنّوا بألفي مدجّج |
|
سراتهم في الفارسيّ المسرّد |
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى |
|
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد |
فلما عصوني كنت فيهم وقد أرى |
|
غوايتهم وأنني غير مهتد |
وهل أنا ..
والشاهد في البيت على أنّ «هل» للاستفهام الصّوري ، بمعنى النفي كما في رواية «ما أنا إلا من غزيّة». [شرح أبيات المغني / ٨ / ٩ ، والخزانة / ١١ / ٢٧٨].
(١٦٣) ولكنما أهلي بواد أنيسه |
|
ذئاب تبغّى الناس مثنى وموحد |
.. البيت للشاعر ساعدة بن جؤيّة من قصيدة يرثى بها ، ابن عمّ له ، وقيل يرثي ابنه ، وهي في أشعار الهذليين .. يقول : ولكنّ الذي يعظم مصابي أن أهلي بواد لا أنيس به إلا السباع التي تطلب الناس لتأكلهم اثنين اثنين وواحدا واحدا .. وقوله : «تبغّى» : تطلب ، وأصله تتبغى ، بتائين. ومثنى ، وموحد : صفتان للذّئاب.