به ، فمن أين لأبي حيّان ما ذكر من التأويل الفاسد.
ب
ـ إن الحديث
النبوي رواية ودراية ، والرواية من أهم شروطها : معرفة رجال الإسناد ، ومعرفة
الصفات القادحة في رجال السند. والدراية تتطلب فهما في فقه الحديث والسنة النبوية
، ومعاني القرآن ، وآيات التشريع ، والحلال والحرام ، والمباح والمكروه. وهذه
أمورد يفقدها علماء العربية ؛ لأنهم لم يتفرغوا لها ، ولذلك لم يحتجوا بألفاظ
الحديث ، لعدم قدرتهم على التمييز ، فخشوا أن ينقلوا حديثا ، يقدح أهل العلم
بالحديث فيه.
ج
ـ أما قولهم ؛
بوقوع اللحن فيما روي من الحديث ، لروايته بالمعنى من قبل من لم يكونوا عربا
بالطبع .. فهذا كذب على الحديث ، وإنما يقع اللحن ـ إن وقع ـ في الحديث الموضوع ،
وربما وقع بسبب تصحيف النساخ في بعض الأحاديث الصحيحة ، فإذا قوبل على الأصول
الأخرى ظهر التصحيف. بل ربما ظنّه بعضهم لحنا ؛ لأنه لم يطلع على اللغة التي جاء
بها الحديث.
روى الزبيدي في
طبقات النحويين (ص ٦٦) قال : لزم سيبويه حلقة حماد بن سلمة بن دينار (.. ـ ١٦٧ ه)
فبينا هو يستملي على حمّاد قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «ليس من أصحابي إلا من لو شئت لأخذت عليه ليس أبا
الدرداء». فقال سيبويه : «ليس أبو الدرداء» بالرفع. وظنه اسم ليس ، فقال حماد :
لحنت يا سيبويه ليس هذا حيث ذهبت ، وإنما «ليس» هاهنا استثناء. فقال : سأطلب علما
لا تلحنّي فيه. فلزم الخليل فبرع.
هذا ، ولم
يذكروا شاهدا للاستثناء بـ «ليس» إلا الحديث السابق ، والحديث «ما أنهر الدّم ،
وذكر اسم الله عليه ، فكلوا ، ليس السنّ والظّفر».
د
ـ أما قولهم إن
الحديث روي بالمعنى : فهذا ليس صحيحا ؛ لأنه ثبت أن كتابة الحديث بدأت في العهد
النبويّ ، وإن لم تكن عامّة ، ولكن الكتابة كانت موجودة ، وانظر «كتاب العلم» في
صحيح البخاري تجد أدلة لا تنقض على كتابة الحديث في العهد النبوي.
ه
ـ وعلى فرض رواية
الحديث بالمعنى ، فإن الذين رووه بالمعنى هم الصحابة