يرون أن إلغاء الأفعال الناصبة مفعولين جائز ، مع تقدم الفعل ، مثل جوازه مع التوسط والتأخر ..
والقولان السابقان للبصريين .. ورأي الكوفيين أوفق وأقرب ، لأن الإعراب مع عدم التقدير ، أولى من الإعراب مع التقدير والحذف.
ولكن ، بقيت نقطة هامة في الموضوع : وهي أن الكوفيين والبصريين يتخاصمون فيما لا خصومة فيه ، لأنّ الأبيات مروية بالنصب ، وبهذا تكون «وجد» عملت في المفعولين (وجدت ملاك الشيمة الأدبا) .. والغريب أن كثيرا من الشواهد التي يأتي بها النحويون دليلا على بعض افتراضاتهم ، تكون محرّفة ، ومعدولة عن طريقها التي نطق بها الشاعر ... وكثيرا ما يكون سبب ذلك ، أنهم يعتمدون على الأبيات المفردة ، ولا ينظرون ما قبلها وما بعدها ، أو أنّ القطعة الشعرية تكون غائبة عنهم ، ولا يبحثون عنها لمعرفة البيت في سياقه ، وهذه نقطة هامة يجب أن نتنبّه إليها عند ما نحرر القواعد للناشئة ، فلا نأتي بالأمثلة من الأبيات المفردة ، ... وقد مرّ معنا أمثلة مما حرف النحويون قافيته ، انظر أبيات عبد الله بن مسلم ، التي مطلعها «يا للرجال ليوم الأربعاء ... قافية الباء» وسيأتي فيما بعد في قافية الميم البيت :
وكنت إذا غمزت قناة قوم |
|
كسرت كعوبها أو تستقيما |
.. هكذا روى سيبويه ومن جاء بعده ، البيت منصوب القافية ، مع أن البيت مع مجموعة أبيات ، وجاءت قافية البيت مرفوعة ، وبنى عليه النحويون حكما نحويا أنّ (أو) ، بمعنى «إلا» تضمر بعدها (أن) وجوبا ... وقد اعتذر العلماء لسيبويه أنه سمعه كذلك ممن يستشهد بقوله ، وأنه سمعه مفردا .. موقوفا على آخره .. وهو اعتذار غير مقبول ، لأن من واجب واضع القانون أن يراعي حال الكلمة في مجتمعها ، بل في سياقها ، والبيت في قصيدته. [الخزانة ج ٩ / ١٣٩ ، والهمع / ١ / ١٥٣ ، والأشموني ج ٢ / ٢٩ ، والمرزوقي ١١٤٦].
(٨٩) بأيّ كتاب أم بأيّة سنة |
|
ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب |
.. البيت للكميت بن زيد الأسدي من قصيدة هاشمية يمدح فيها آل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأولها :