.................................................................................................
______________________________________________________
ومثله ما جاء في معنى بعض الأذكار المأثورة عن بعض السلف وهو : «باسم الله ما شاء الله ، كلّ نعمة فمن الله، لا قوّة إلّا بالله، الخير كلّه بيد الله، ما شاء الله لا يصرف السّوء إلّا الله ، ما شاء الله ، لا قوّة إلّا بالله».
والظاهر أن الوصف مقدر يرشد إليه المعنى ؛ فإن المعنى كل نعمة في الوجود فمن الله ، وكذا يقدر في البيت ، وكل قرينة تقرن بقرينها.
الثانية :
أن الفاء قد تدخل أيضا على خبر كل مضافا إلى موصوف بغير ما ذكر ، أي بغير الظرف وشبهه والجملة ، ومثاله قول الشاعر :
٦٦١ ـ كلّ أمر مباعد أو مدان |
|
فمنوط بحكمة المتعالي (١) |
الثالثة :
أن الفاء قد تدخل أيضا على خبر موصول غير واقع موقع من الشرطية ولا ما أختها ، وذلك كما في قوله : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ)(٢) وكذا ـ
__________________
(١) البيت من بحر الخفيف ، وهو دعوة إلى الرضا بقضاء الله وحكمه سبحانه وتعالى ، وقائله مجهول.
والشاهد فيه قوله : كل أمر مباعد .. فمنوط ، حيث اقترن بالفاء خبر المبتدأ كل المضاف إلى نكرة موصوفة بنكرة مثلها.
والبيت في : شرح التسهيل (١ / ٣٣٠) وفي التذييل والتكميل (٤ / ١٠٥) وفي معجم الشواهد (ص ٣٢٤).
(٢) سورةآل عمران : ١٦٦. وفي هذه الآية وما بعدها قال أبو حيان (البحر المحيط : ٣ / ١٠٨): «ما موصولة مبتدأ والخبر قوله : فبإذن الله ، وهو على إضمار : أي فهو بإذن الله ، ودخول الفاء هنا قال الحوفي : لما في الكلام من معنى الشّرط لطلبته للفعل ، وقال ابن عطية : رابطة مسدّدة ، وذلك للإيهام الذي في ما فأشبه الكلام الشرط ، وهذا كما قال سيبويه : الذي قام فله درهمان ، فيحسن دخول الفاء إذا كان القيام سبب الإعطاء. انتهى كلامه وهو أحسن من كلام الحوفي ؛ لأنّ الحوفيّ زعم أن في الكلام معنى الشّرط ، وقال ابن عطية : فأشبه الكلام الشّرط.
قال أبو حيان : ودخول الفاء على ما قاله الجمهور وقرروه قلق هنا ، وذلك أنّهم قرروا في جواز دخول الفاء على خبر الموصول أن الصلة تكون مستقلة ، فلا يجيزون الذي قام أمس فله درهم ؛ لأن هذه الفاء إنما دخلت في خبر الموصول لشبهه بالشرط ؛ فكما أن فعل الشرط لا يكون ماضيا من حيث المعنى فكذلك الصلة. والذي أصابهم يوم التقى الجمعان هو ماض حقيقة ؛ فهو إخبار عن ماض من حيث المعنى ؛ فعلى ما قرروه يشكل دخول الفاء هنا.