.................................................................................................
______________________________________________________
ذلك لامتناع الحكم بالتعيين على من لا يعرفه المخاطب أصلا ، فظهر بهذا الفرق بين قولنا : زيد أخوك ، وقولنا : أخوك زيد ، وكذا إذا عرف السامع إنسانا يسمى زيدا بعينه واسمه ، وعرف أنه كان من إنسان انطلاق ولم يعرف أنه كان من زيد أو ، غيره فأردت أن تعرفه أن زيدا هو ذاك المنطلق ، فتقول : زيد المنطلق ، وإن أردت أن تعرفه أن ذلك المنطلق هو زيد قلت : المنطلق زيد.
وقد أشار ابن الخباز إلى شيء من هذا ، فقال (١) :
زيد المنطلق يقال لمن كان عارفا بزيد وله عهد بأنّ رجلا قد انطلق ولا يعرف أن المعهود بالانطلاق زيد. فإذا قلت : زيد المنطلق فقد عرفته أنه هو المعهود ، وكذا إذا قلت : زيد أخوك ، فقد عرفته الأخوة ، وهو يعلم أن اسم الرجل زيد ، وإذا قلت :
أخوك زيد فقد عرّفته الاسم وهو يعرف الأخوة.
ثم كأنه استشكل في صورة زيد أخوك أن يكون السامع يجهل الأخوة ، قال :
فإن قلت : ما المسوغ لهذا قلت : هذا يقال في موضعين :
أحدهما : أن يكون المخاطب قد نسي فيذكر.
والثاني : أن تريد إيقاع المساءة به ، فيقال : زيد أخوك فيذكّر بالقرابة ليعفو. انتهى.
ومما يتصل بهذا مسألة : زيد صديقي وصديقي زيد ، فمع تقديم زيد لا يلزم انحصار الصداقة فيه ، ومع تقديم صديقي يلزم انحصار الصداقة فيه.
والذي ذكره النحاة أن ذلك إنما كان من حيث أن الخبر لا بد أن يكون أعم من ـ
__________________
(١) انظر تحقيق كتاب توجيه اللمع لابن الخباز (ص ٤٩) وفيه قسم ابن الخباز صور المبتدأ والخبر إلى أربعة ، وجعل الصورة الثالثة أن يكونا معرفتين ، ثم قال : «والجيد أن تخبر بالأضعف عن الأقوى تعريفا ، فإن اجتمع المضمر وغيره جعلت المبتدأ هو المضمر كقولك : أنت زيد. وإن اجتمع العلم وغيره جعلت المبتدأ هو العلم كقولك : زيد أخوك. والأمر مسوق على هذا.
قال : فإن قلت : فما الفائدة في الإخبار بالمعرفة عن المعرفة؟ قلت : هي نسبة الخبر إلى المبتدأ ، وكان ذلك مجهولا قبل الإخبار.
فإن قلت : فما الفرق بين قولنا : زيد أخوك ، وقولنا : أخوك زيد؟ قلت : الفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن قولنا : زيد أخوك تعريف للقرابة ، وأخوك زيد تعريف للاسم.
الثاني : أن قولنا «زيد أخوك» لا ينفي أن يكون له أخ غير زيد ؛ لأنك أخبرت بالخاص عن العام.
انظر : كتاب توجيه اللمع لابن الخباز (ص ٤٩) رسالة دكتوراه.