.................................................................................................
______________________________________________________
يخلو إذ ذاك من أن يخبر المخاطب عن ضرب قد عهد منك إيقاعه بزيد في حال قيامه ، أو عن ضرب لم يعهده منك في تلك الحال ؛ فإذا أردت الأول لم يكن لإخبارك عنه بثابت أو مستقر فائدة ؛ لأنه معلوم عند المخاطب وإن كان الثاني لم يكن في الكلام دليل على ذلك المحذوف ؛ لجواز أن يكون التقدير : ضربي زيدا قائما غير ثابت.
ولأن في جعل قائما معمول ضربي حذف الخبر برمته كما ذكروا ، وفي جعل قائما معمول الخبر حذف بعض الخبر. وحذف بعض الخبر أولى من حذف جميعه ، فظهر فساد ما ذكروه.
وأما مذهب الأخفش (١) رحمهالله تعالى : فإنه إن جعل المصدر الثاني وهو ضربه مضافا إلى المفعول ، وفاعله ضمير المتكلم محذوفا على ما تقرر ـ فإن المصدر يحذف فاعله إذا كان ضميرا ، ولا يكون مستترا فيصير كأنه قال : ضربي زيدا أضربه قائما ، فأما أن يفهم من نفس الخبر عين المفهوم من المبتدأ فلا يصح ، وإما أن يفهم منه أن ضربه المطلق مثل ضربه قائما ، وهو غير المعنى المفهوم ، وإن جعل المصدر مضافا إلى فاعله صار المفهوم منه غير المطلوب من الكلام على ما سيبين معنى الكلام حين يبين في توجيه كلام سيبويه رحمهالله تعالى ، فظهر أن الصحيح ما ذهب إليه سيبويه رحمهالله تعالى دون غيره (٢) ، وذلك لما ذكرنا من أن اعتقاد الحال معمولة للخبر يجعل المحذوف [١ / ٣١٦] بعض الخبر ، وهو أولى من حذف جميع الخبر.
وهنا نكتة لطيفة : وهو أن الاسم العامل ومعموله ينزل منزلة المضاف والمضاف إليه في باب النداء وباب لا ، فكما يحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه كذلك يحذف العامل ويبقى معموله ، إلا أنه لما كان الأكثر إذا حذف المضاف يعرب المضاف إليه بإعرابه ولا كذلك العامل والمعمول كثر حذف المضاف وقل حذف العامل ، وهذا ـ
__________________
(١) انظر في رد رأي الأخفش : التذييل والتكميل : (٣ / ٢٩٠) والهمع : (١ / ١٠٦).
(٢) قال سيبويه : (١ / ٤٠٢): «وأمّا عبد الله أحسن ما يكون قائما ، فلا يكون فيه إلّا النّصب ؛ لأنه لا يجوز لك أن تجعل أحسن أحواله قائما على وجه من الوجوه».
وفي موضوع آخر يقول : (١ / ٤١٩): «وتقول : عهدي به قائما وعلمي به ذا مال فتنصبه على أنّه حال وليس بالعهد ولا العلم ، وليسا هنا ظرفين ، وتقول : ضربي عبد الله قائما على هذا الّذي ذكرته لك».