.................................................................................................
______________________________________________________
المذهب الثالث :
وهو رأي المبرد (١) «أنّ الابتداء رفع المبتدأ بنفسه ، ورفع الخبر بوساطة المبتدأ» ولم يذكر المصنف هذا المذهب في المتن.
قال المصنف : هو أمثل من قول من قال : الابتداء رفع المبتدأ والخبر معا ، وهو أيضا مردود ؛ لأنه قول يقتضي كون العامل معنى متقويا بلفظ. والمعروف كون العامل لفظا متقويا بلفظ كتقوي الفعل بواو المصاحبة ، أو كون العامل لفظا متقويا بمعنى كتقوي المضاف بمعنى اللام أو بمعنى من. فالقول بأن الأبتداء عامل يتقوى بالمبتدأ لا نظير له فوجب رده.
وقد جعل بعضهم نظير ذلك إعمال أداة الشرط في الشرط بنفسها ، وفي الجواب بواسطة فعل الشرط. وليس كما زعم لأن أداة الشرط وفعله لفظان ، فإذا قوي أحدهما بالآخر لم يكن بدعا. وأما الابتداء والمبتدأ فمعنى ولفظ ، فلو قوي اللفظ بالمعنى لكان قريبا بخلاف ما يحاولونه من العكس ؛ فإنه بعيد ولا نظير له.
المذهب الرابع :
«أنّهما مرفوعان بالتجرّد للإسناد. والمراد بالتجرّد تعريتهما عن العوامل اللفظيّة» وهو مذهب الجرمي والسيرافي وكثير من البصريين (٢).
قال المصنف : وهو مردود أيضا بما رد به قول من قال : هما مرفوعان بالابتداء وفيه رداءة زائدة من ثلاثة أوجه (٣) :
أحدها : أنه جعل التجرد عاملا ، وإنما هو شرط في صحة عمل الابتداء ، والابتداء هو العامل عند سيبويه وغيره من المحققين.
والثاني : أنه جعل تجردهما واحدا ؛ وليس كذلك ؛ فإن تجرد المبتدأ لإسناد إليه أو لإسناده إلى ما يسدّ مسد مسند إليه ، وتجرد الخبر إنما هو ليسند إلى المبتدأ ؛ فبين التجردين بون فكيف يتّحدان؟ ـ
__________________
(١) قال في المقتضب (٢ / ٤٩): «إذا قلت إن تأتني آتك ؛ فتأتني مجزومة بإن وآتك مجزومة بإن وتأتني ؛ ويظهر ذلك في الأسماء قولك : زيد منطلق ؛ فزيد مرفوع بالابتداء والخبر مرفوع بالابتداء والمبتدأ معا».
(٢) التذييل والتكميل (٣ / ٢٦٢).
(٣) شرح التسهيل (١ / ٢٧١ ، ٢٧٢).