[تبادل أسماء الإشارة]
قال ابن مالك : (وقد ينوب ذو البعد عن ذي القرب لعظمة المشير أو المشار إليه ، وذو القرب عن ذي البعد لحكاية الحال ، وقد يتعاقبان مشارا بهما إلى ما ولياه ، وقد يشار بما للواحد إلى الاثنين وإلى الجمع).
______________________________________________________
فكيف به في موضع بخلاف ذلك؟
قال ناظر الجيش : قال المصنف (١) : من نيابة ذي البعد عن ذي القرب لعظمة المشير قوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى)(٢) ، ومن نيابته عنه لعظمة المشار إليه قوله تعالى : (ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي)(٣) ومنه قول امرأة العزيز مشيرة إلى يوسف عليه الصلاة والسّلام (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ)(٤). بعد أن أشارت إليه النسوة بهذا ؛ إذ قلن (ما هذا بَشَراً)(٥) والمجلس واحد إلا أن مرأى يوسف عليه الصلاة والسّلام عند امرأة العزيز كان أعظم من مرآه عند النسوة ، فأشارت إليه بما يشار به إلى البعد إعظاما وإجلالا.
ومن نيابة ذي القرب عن ذي البعد لحكاية الحال قوله تعالى : (كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ)(٦) ، وقوله تعالى : (فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ)(٧).
وأما تعاقب ذي القرب وذي البعد على أثر ما الإشارة إليه ـ فكقوله تعالى متصلا بقصة عيسى عليهالسلام (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ)(٨). ثم قال تعالى : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُ)(٩) ومنه قوله تعالى : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ)(١٠) ، وقوله تعالى : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ)(١١). ومنه : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى)(١٢) ، (إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً)(١٣).
والإشارة بما للواحد إلى الاثنين كقوله تعالى : (عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ)(١٤). أي ـ
__________________
(١) شرح التسهيل (١ / ٢٤٨). (٢) سورة طه : ١٧.
(٣) سورةالشورى : ١٠. (٤) سورةيوسف : ٣٢.
(٥) سورةيوسف : ٣١. (٦) سورةالإسراء : ٢٠.
(٧) سورةالقصص : ١٥.
(٨) سورةآل عمران : ٥٨.
(٩) سورةآل عمران : ٦٢.
(١٠) سورةالزمر : ٣٤.
(١١) سورةص : ٥٢ ، ٥٣.
(١٢) سورةالزمر : ٢١.
(١٣) سورةالأنبياء : ١٠٦.
(١٤) سورةالبقرة : ٦٨.