« والأخرى » : ان يناقض نفسه فيضل ثابتاً على مبادئه التي اعلنها في السقيفة ولا يرى حقاً للهاشميين ولا امتيازاً لهم في مقاييس الرجال أو يراه لهم ولكن في غير ذلك الظرف الذي يكون معنى المعارضة فيه مقابلة حكم قائم ووضع تعاقد عليه الناس.
واختارت الفئة المسيطرة ان تثبت على آرائها التي روّجتها في مؤتمر الأنصار وتعترض على المعارضين بأن مخالفتهم بعد بيعة الناس للخليفة ليست إلا احداثاً للفتنة المحرمة في عرف الإسلام.
وهذا هو الأسلوب الوقتي الذي اتخذه الحاكمون للقضاء على هذا الجانب من المعارضة الهاشمية وقد ساعدتهم الظروف الإسلامية الخاصة يومئذ على نجاحه كما سنوضحه.
غير اننا نحس ونحن ندرس سياسة الحاكمين بأنّهم انتهجوا منذ اللحظة الأولى سياسة معينة تجاه آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم للقضاء على الفكرة التي امدت الهاشميين بقوة على المعارضة كما خنقوا المعارضة نفسها ونستطيع ان نصف هذه السياسة بانها تهدف إلى الغاء امتياز البيت الهاشمي وابعاد انصاره والمخلصين له عن المرافق الهامة في جهاز الحكومة الإسلامية يومئذ وتجريده عمّا له من الشأن والمقام الرفيع في الذهنية الإسلامية.
وقد يعزز هذا الرأي عدة ظواهر تاريخية :
الاولى : سيرة الخليفة وأصحابه مع علي التي بلغت من الشدة انّ عمر هدّد بحرق بيته وان كانت فاطمة فيه ، ومعنى هذا اعلان انّ فاطمة وغير فاطمة من آلها ليس لهم حرمة تمنعهم عن أن يتخذ معهم نفس الطريقة التي سار عليها مع سعد بن عبادة حين أمر الناس بقتله ومن صور ذلك العنف وصف الخليفة لعلي بأنّه مرب لكل فتنة وتشبيهه