وأنا لا أدري من اين جاء إلى الخليفة ( رضي الله تعالى عنه ) هذا المال ما دامت الزكوات التي جمعها الساعي قد صارت من نصيب بطنه وحدها ان لم يكن من بقية الأموال التي خلفها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان أهل البيت يطالبون بها.
وسواء أصح هذا التقدير أو لا فانّ المعنى الذي نحاول فهمه من هذه الرواية هو انّ بعض معاصري الصديق احس بما نحس به على ضوء معلوماتنا التاريخية عن تلك الأيام.
ولا ننس ان نلاحظ ان الظروف الاقتصادية العامّة كانت تدعو إلى الإرتفاع بمالية الدولة والاهتمام باكثارها استعداداً للطوارئ المترقبة فلعل هذا حدى بالحاكمين إلى انتزاع فدك كما يتبين ذلك بوضوح من حديث لعمر مع أبي بكر يمنعه فيه عن تسليم فدك إلى الزهراء ويعلل ذلك بانّ الدولة في حاجة إلى المال لانفاقه في توطيد الحكم وتأديب العصاة والقضاء على الحركات الانفصالية التي قد يقوم بها المرتدون.
ويظهر من هذا رأي للخليفتين في الملكية الفردية هو انّ للخليفة الحق في مصادرة أموال الناس لانفاقها في امور المملكة وشؤون الدولة العامّة بلاتعويض ولا استئذان فليس للفرد ملكية مستقرة لأمواله وعقاره في حال احتياج السلطات إلى شيء منها وقد ذهب إلى هذا الرأي كثير من الخلفاء الذين انتهى اليهم الأمر بعد أبي بكر وعمر فامتلأ تأريخهم بالمصادرات التي كانوا يقومون بها غير انّ أبا بكر لم يطبق هذا الرأي إلا في املاك بنت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة.
وقد تردد الحزب الحاكم في معالجة الأسلوب الثاني من المعارضة بين اثنتين : ـ
« احداهما » : أن لا يقرّ للقرابة بشأن في الموضوع ومعنى هذا انّه ينزع عن خلافة أبي بكر ثوبها الشرعي الذي البسها اياه.