واذن فالآيتان دليل على اعتبار علم الحاكم في قوانين القضاء الإسلامية (١).
واضف إلى ذلك انّ الصديق نفسه كان يكتفي كثيراً بالدعوى المجردة عن البيّنة فقد جاء عنه في صحيح البخاري (١) انّ النبي (ص) لما مات جاء لأبي بكر مال من قبل العلاء بن الحضرمي فقال. من كان له علي دين أو كانت قبله عدة فليأتنا قال جابر : وعدني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ان يعطيني هكذا وهكذا وهكذا فبسط يده ثلاث مرات فعد في يدي خمسمأة ثم خمسمأة ثم خمسمأة.
وروي في الطبقات (٢) عن أبي سعيد الخدري انّه قال : سمعت منادي أبي بكر ينادي بالمدينة حين قدم عليه مال البحرين : من كانت له عدة عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فليأت ؟ فيأتيه رجال فيعطيهم فجاء أبو بشير المازني فقال : انّ رسول الله (ص) قال يا أبا بشير إذا جاءنا شيء فأتنا. فاعطاه أبو بكر حفنتين أو ثلاثاً فوجدوها الفاً وأربعمائة درهم.
__________________
وأنا اعتذر عن عدم استعمال الاصطلاحات العلمية الدائرة في مباحث المنطق والفلسفة والفقه والاصول ـ إلا حين اضطر إلى ذلك اضطراراً ـ لأنني أحاول ان تكون بحوث هذا الفصل مفهومة لغير المتخصصين في تلك العلوم.
(١) ان قيل : ان الحديث الوارد عن أهل البيت فيمن قضى بالحق وهو لا يعلم الحكم باستحقاقه للعقاب يدلّ على عدم كون القضاء من آثار الواقع فيدور الأمر بين صرف هذه الرواية عن ظهورها في عدم نفوذ الحكم وحمل العقاب فيها على التجري وبين صرف الكلمتين إلى المعنى الثاني قلت : لا وجه لكلا التأويلين بل الرواية المذكورة مقيدة للآيات بصورة العلم فيكون موضوع القضاء مركباً من الواقع والعلم به وبتعبير آخر انّه من أثار الواقع الواصل.
(٢) ج ٣ ص ١٨٠.
(٣) ج ٤ ص ١٣٤.