ولا يمكن ان نعتذر عن الخليفة بأنّه يجوز اختيار أحد النصّين المتناقضين وتنفيذه كما يرتئيه جماعة من علماء الإسلام وقد اختار ان ينفذ مدلول الحديث وذلك لأنّ المعارض للقرآن باطل بلا ريب لأنّه الحق وهل بعد الحق إلا الضلال.
* * *
الناحية الثانية : المناقشة التي قامت بين الخليفة والصديقة حول نحلة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اياها فدكاً فقد ادعت الصديقة النحلة وشهد بذلك قرينها وأم أيمن فلم يقبل الخليفة دعواها ولم يكتف بشاهديها وطالبها بيّنة كاملة وهي رجلان أو رجل وامرأتان.
١ ـ والنقطة الأولى التي نؤاخذ الصديق عليها هي وقوفه موقف الحاكم في المسألة مع أن خلافته لم تكتسب لوناً شرعياً إلى ذلك الحين على أقل تقدير ولكننا لا نريد الآن ان نضع هذه المؤاخذة قيد الدرس لأنّ المناقشة على هذا الشكل تبعثنا إلى آفاق واسعة من البحث وتضطرنا إلى نسف الحجر الأساسي لدنيا السياسة في الإسلام وهي عملية لها حساب طويل.
٢ ـ والملاحظة الثانية في الموضوع هي انّ فدكاً إذا كانت في حيازة الزهراء عليهاالسلام فلا حاجة لها إلى البيّنة وفي هذه الملاحظة امران :
أولاً : من هو الذي كانت فدك في حيازته ؟ وهل كانت في يد الزهراء حقاً ؟ قد يمكن ان نفهم ذلك من قول أمير المؤمنين في رسالته الخالدة إلى عثمان بن حنيف : بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين. فان المفهوم من كلمة أيدينا ان فدكاً كانت في أيدي أهل البيت وقد نصت على ذلك روايات الشيعة.