يستحيل انتقالها أيضاً لأنّها حينئذ أمر اعتباري متشخص الاطراف ولا يعقل تبدل طرف من اطرافه إلا بتبدل نفسه وانقلابه إلى فرد آخر فنبوة زكريا مثلاً هي هذه التي اختصّ بها زكريا ولن يعقل ثبوتها لشخص آخر لأنّها لا تكون حينئذ تلك النبوّة الثابتة لزكريا بل منصباً جديداً أو مقاماً نبوياً حادثاً.
والنظر الاولي في المسألة يقضي بامتناع انتقال العلم والنبوة من دون حاجة إلى هذا التعمق والتوسع واذن فالنتيجة التي يقررها العقل في شوطه الفكري القصير الذي لا يعسر على الخليفة مسايرته فيه هي ان المال وحده الذي ينتقل دون العلم والنبوة.
٣ ـ وقد يعترض على تفسير الإرث في كلام زكريا بارث المال بأن يحيى عليهالسلام لم يرث مال أبيه لاستشهاده في حياته فيلزم تفسير الكلمة بارث النبوّة لأنّ يحيى قد حصل عليها ويكون دعاء النبي حينئذ قد استجيب. ولكن هذا الإعتراض لا يختصّ بتفسير دون تفسير لأنّ يحيى عليهالسلام كما انّه لم يرث مال أبيه كذلك لم يخلفه في نبوته. وما ثبت له من النبوّة لم يكن وراثياً وليس هو مطلوب زكريّا وانّما سأل زكريّا ربّه وارثاً يرثه بعد موته ولذا قال : واني خفت الموالي من ورائي أي بعد موتي فان كلامه يدلّ بوضوح على انّه أراد وارثاً يخلفه ولم يرد نبياً يعاصره وإلا لكان خوفه من الموالي بعد وفاته باقياً ـ فلا بد ـ على كل تقدير ـ ان نوضح الآية على أسلوب يسلم عن الإعتراض وهو أن تكون جملة يرثني ويرث من آل يعقوب ، جواباً للدعاء بمعنى ان رزقتني ولداً يرث لا صفة ليكون زكريّا قد سأل ربّه وليّاً وارثاً. فما طلبه النبي من ربّه تحقق وهو الولد وتريثه وتوريثه المال أو النبوّة لم يكن داخلاً في جملة ما سأل ربّه وانّما كان لازماً لما رجاه في معتقد زكريّا (ع).
ويختلف تقدير العبارة صفة عن تقديرها جواباً من النواحي اللفظية