في الأعراب لأن الفعل إذا كان صفة مرفوع واذا كان جواباً يتعين جزمه. وقد ورد في قراءته كلا الوجهين.
واذا لاحظنا قصّة زكريا في موضعها القرآني الآخر وجدنا انّه لم يسأل ربّه إلا ذريّة طيّبة فقد قال تبارك وتعإلى في سورة آل عمران : هنالك دعا زكريا ربّه قال : ( ربّ هب لي من لدنك ذريّة طيّبة ).
وافضل الأساليب في فهم القرآن ما كان منه مركزاً على القرآن نفسه وعلى هذا فنفهم من هذه الآية انّ زكريّا كان مقتصداً في دعائه ولم يطلب من ربّه إلا ذريّة طيّبة وقد جمع القرآن الكريم دعاء زكريا في جملة واحدة تارة وجعل لكل من الذريّة ووصفها دعوة مستقلّة في موضع آخر فكانت جملة هب لي من لدنك ولياً طلباً للذريّة وجملة واجعله ربي رضيّاً دعوة بأن تكون الذرية طيّبة. واذا جمعنا هاتين الجملتين ادت نفس المعنى الذي تفيده عبارة هب لي من لدنك ذريّة طيّبة. وتخرج كلمة ( يرثني ) بعد عملية المطابقة بين الصيغتين القرآنيتين عن حدود الدعاء ولا بد حينئذ ان تكون جواباً له.
٤ ـ وعلى ذلك يتّضح انّ كلمة الإرث في الآية الكريمة قد اعطيت حقّها من الاستعمال واريد بها ارث المال لا ارث النبوّة لأن الشيء انّما يصح ان يقع جواباً للدعاء فيما إذا كان ملازماً للمطلوب ومتحققاً عند وجوده دائماً أو في أكثر الاحايين. ووراثة النبوّة ليست ملازمة لوجود الذرية اطلاقاً بل قد لا تتفق في مئات الملايين من الأشخاص لما يلزم في هذا المقام من كفاءة فذة وكمال عظيم فلا يجوز ان توضع النبوّة بجلالها الفريد جواباً لسؤال الله تعإلى ذريّة طيّبة لأن النسبة بين الذرية الإنسانية وبين الجديرين بتحمل اعباء الرسالة السماوية هي النسبة بين الآحاد والملايين واما وراثة المال فيمكن ان تكون جواباً لدعاء زكريا عليهالسلام لأنّ الولد يبقى بعد أبيه على الأكثر فوراثته للمال مما يترتّب على وجوده