واشتهرت بين المسلمين فكان لاحتمال انفساخ الصدقات والاوقاف بموت المالك ورجوعها إلى الورثة متسع.
ولا يضعضع قيمة هذا التفسير عدم ذكر الزهراء له واعتراضها به على الخليفة.
أما أولاً : فلأن الموقف الحرج الذي وقفته الزهراء في ساعتها الشديدة لم يكن ليتسع لمثل تلك المناقشات الدقيقة حيث انّ السلطة الحاكمة التي كانت تريد تنفيذ قراراتها بصورة حاسمة قد سيطرت على الموقف بصرامة وعزم لا يقبلان جدالاً ولذا نرى الخليفة لا يزيد في جواب استدلال خصمه بآيات ميراث الأنبياء على الدعوى الصارمة اذ يقول هكذا هو ـ كما في طبقات ابن سعد ـ فلم يكن مصير هذه المناقشات لو قدر لها أن تساهم في الثورة بنصيب إلا الرد والفشل.
وأمّا ثانياً : فلأن هذه المناقشات لم تكن تتصل بهدف الزهراء وغرضها الذي كان يتلخص في القضاء على الأساليب التي هي أقرب إلى تحقيق ذلك الغرض فتراها مثلاً في خطابها الخالد خاطبت عقول الناس وقلوبهم معاً ولكنها لم تتجاوز في احتجاجها الوجوه البديهية التي كان من القريب ان يستنكر اغضاء الخليفة عنها كل احد ، ويجر ذلك الاستنكار إلى معارضة حامية.
فقد نفت وجود سند لحكم الخليفة من الكتاب الكريم ثم ذكرت ما يخالفه من الآيات العامّة المشرعة للتوارث بين سائر المسلمين (١) والآيات الخاصة الدالة على توريث بعض الأنبياء كيحيى وداود عليهماالسلام ، ثم عرضت المسألة على وجه آخر وهو : ان ما حكم به الخليفة لو كان حقاً للزم ان يكون أعلم من رسول الله (ص) ووصيه لأنهما لم
__________________
(١) من الواضحات العلمية اخيراً ان الخبر الواحد المعتبر يصلح لتخصيص الكتاب لأنّه حاكم أو وارد كما هو الصحيح على أصالة العموم واصالة الاطلاق وانّما احتجت الزهراء بالآيات العامّة لأنّها لم تكن تعترف بوثاقة الصديق وعدالته.