في تحفظ وان كنا نستقرب صحّتها لأنّ كل شيء كان يشجع على عدم حكاية هذه القصّة لو لم يكن لها نصيب من الواقع. واذا صحّت فهي تدلّ على أنّ أمر التسليم وقع بعد الخطبة الفاطمية الخالدة ونقل الخليفة لحديث نفي الإرث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّ حروب الردة التي أشار إليها عمر في كلامه ابتدأت بعد يوم السقيفة بعشرة أيّام (١) خطبة الزهراء قد كانت في اليوم العاشر أيضاً كما سبق (٢).
٢ ـ وقد أظهر الخليفة الندم في ساعة وفاته على عدم تسليم فدك لفاطمة (٣) وقد بلغ به التأثر حيناً ان قال للناس وقد اجتمعوا حوله أقيلوني بيعتي ، وندرك من هذا انّ الخليفة كان يطوي نفسه على قلق عظيم مرده إلى الشعور بنقص مادي في حكمه على فاطمة وضعف في المدرك الذي استند إليه ويثور به ضميره أحياناً فلا يجد في مستنداته ما يهدئ نفسه المضطربة وقد ضاق بهذه الحالة المريرة فطفحت نفسه في الساعة الأخيرة بكلام يندم فيه على موقفه من الزهراء تلك الساعة الحرجة التي يتمثل فيها للانسان ما مثله على مسرح الحياة من فصول أو شكّ الستار ان يسدل عليها وتجتمع في ذاكرته خيوط حياته بألوانها المختلفة التي آن لها أن تنقطع فلا يبقى منها إلا التبعات.
٣ ـ ولا ننسى انّ أبا بكر أوصى أن يدفن إلى جوار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يصحّ ذلك إلا إذا كان قد عدل عن اعتبار روايته مدركاً قانونيا في الموضوع واستأذن ابنته في أن يدفن فيما ورثته
__________________
(١) راجع مروج الذهب ج ٢ ص ١٩٣.
(٢) ولعلّ هذا يضعف من شأن الرواية لانّ الخليفة لو كان مستعدّاً للتراجع لأجاب الزهراء إلى ما تطلب في المسجد حينما خطبت واسمعته من التأنيب والتقريع الشيء الكثير.
(٣) رواه الطبري كما في ص ١٨ من سمو المعنى في سمو الذات للأستاذ الكبير الشيخ عبدالله العلائلي.