ومنه قوله تعالى (١) : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) فـ «لها كتاب» جملة فى موضع الحال من «قرية» ، وصحّ مجىء الحال من النكرة لتقدّم النفى عليها ، ولا يصح كون الجملة صفة لقرية ، خلافا للزمخشرى ؛ لأن الواو لا تفصل بين الصفة والموصوف ، وأيضا وجود «إلّا» مانع من ذلك ؛ إذ لا يعترض بـ «إلّا» بين الصفة والموصوف ، وممن صرّح بمنع ذلك : أبو الحسن الأخفش فى المسائل ، وأبو على الفارسى فى التذكرة.
ومثال ما وقع بعد الاستفهام قوله :
(١٨٥) ـ
يا صاح هل حمّ عيش باقيا فترى |
|
لنفسك العذر فى إبعادها الأملا؟ |
__________________
الشاهد فيه : قوله «واقيا» و «باقيا» حيث وقع كل منهما حالا من النكرة ، وهى «حمى» بالنسبة لـ «واقيا» و «أحد» بالنسبة لـ «باقيا» والذى سوغ ذلك أن النكرة مسبوقة بالنفى فى الموضعين.
وإنما يكون الاستشهاد بقوله باقيا إذا جعلنا «ترى» بصرية ؛ لأنها تحتاج حينئذ إلى مفعول واحد ، وقد استوفته ؛ فالمنصوب الآخر يكون حالا ، أما إذا جعلت «ترى» علمية فإن قوله «باقيا» يكون مفعولا ثانيا ، كما بيناه فى الإعراب.
(١) انظر ما كتبناه عن هذه الآية فى ص ٦٣٣.
١٨٥ ـ أكثر ما قيل فى نسبة هذا البيت إنه لرجل من طيىء ، ولم يعينه أحد ممن استشهد بالبيت أو تكلم عليه.
اللغة : «صاح» أصله صاحبى ، فرخم بحذف آخره ترخيما غير قياسى ؛ إذ هو فى غير علم ، وقياس الترخيم أن يكون فى الأعلام ، وهو أيضا مركب إضافى «هل حم عيش» (انظر ص ٦٠٢ و ٦٣٧) والاستفهام ههنا إنكارى بمعنى النفى ؛ فكأنه قال : ما قدر الله عيشا باقيا «العذر» هو كل ما تذكره لتقطع عنك ألسنة العتاب واللوم.
الإعراب : «يا» حرف نداء «صاح» منادى مرخم «هل» حرف استفهام