وإن كان الطالب له هو الثانى وجب الإضمار ؛ فتقول : «ضربنى وضربته زيد ، ومرّ بى ومررت به زيد» ولا يجوز الحذف ؛ فلا تقول «ضربنى وضربت زيد» ولا «مرّ بى ومررت زيد» ، وقد جاء فى الشعر ، كقوله :
(١٦١) ـ
بعكاظ يعشى النّاظرين |
|
ـ إذا هم لمحوا ـ شعاعه |
والأصل «لمحوه» فحذف الضمير ضرورة ، وهو شاذ ، كما شذّ عمل المهمل الأول فى المفعول المضمر الذى ليس بعمدة فى الأصل.
__________________
هذا الباب ـ الإضمار قبل الذكر ، إذا كان الضمير فاعلا ، مثلا ؛ لأنه لا يستغنى الكلام عنه ، ولا يجوز حذفه ، والضرورة يجب أن تتقدر بقدرها ، ومنهم من منع الإضمار قبل الذكر مطلقا.
١٦١ ـ البيت لعانكه بنت عبد المطلب عمة النبى صلّى الله عليه وسلّم ، من كلمة رواها أبو تمام حبيب بن أوس فى ديوان الحماسة (انظر شرح التبريزى : ٢ / ٢٥٦ بتحقيقنا) وقبل هذا البيت قولها :
سائل بنا فى قومنا |
|
وليكف من شرّ سماعه |
قيسا ، وما جمعوا لنا |
|
فى مجمع باق شناعه |
فيه السّنوّر والقنا |
|
والكبش ملتمع قناعه |
اللغة : «عكاظ» بزنة غراب ـ موضع كانت فيه سوق مشهورة ، يجتمع فيها العرب للتجارة ، والمفاخرة «يعشى» مضارع من الإعشاء ، وأصله العشا ، وهو ضعف البصر ليلا «لمحوا» ماض من اللمح ، وهو سرعة إبصار الشىء «شعاعه» بضم الشين ـ ما تراه من الضوء مقبلا عليك كأنه الحبال ، والضمير الذى أضيف الشعاع إليه يجوز أن يكون عائدا على عكاظ ؛ لأنه موضع الشعاع ، ويجوز أن يكون عائدا على القناع الذى ذكرته فى البيت السابق على هذا البيت.
المعنى : تريد أن أشعة سلاح قومها مما تضعف أبصار الناظر إليها ، تكنى بذلك عن كثرة السلاح وقوة بريقه ولمعانه.
الإعراب : «بعكاظ» جار ومجرور متعلق بقولها «جمعوا» فى البيت السابق