شأن الفعل المتعدّى أن ينصب مفعوله إن لم ينب عن فاعله ، نحو «تدبّرت الكتب» فإن ناب عنه وجب رفعه كما تقدّم ، نحو «تدبّرت الكتب».
وقد يرفع المفعول وينصب الفاعل عند أمن اللبس ، كقولهم : «خرق الثوب المسمار» ولا ينقاس ذلك ، بل يقتصر فيه على السماع (١).
__________________
فى محل جر مضاف إليه ، والمراد بالمفعول فى قوله «فانصب به مفعوله» هو المفعول به ، لأمرين ؛ أحدهما : أن المفعول عند الإطلاق هو المفعول به ، وأما بقية المفاعيل فلا بد فيها من التقييد ، تقول : المفعول معه ، والمفعول لأجله ، والمفعول فيه. والمفعول المطلق. وثانيهما : أن الذى يختص به الفعل المتعدى هو المفعول به ؛ فأما غيره من المفاعيل فيشترك فى نصبه المتعدى واللازم ، تقول : ضربت ضربا ، وقمت قياما ، وتقول : ذاكرت والمصباح ، وسرت والنيل ، وتقول : ضربت ابنى تأديبا ، وقمت إجلالا للأمير ، وتقول : لعبت الكرة أصيلا. وخرجت من الملعب ليلا.
(١) قال السيوطى فى همع الهوامع (١ / ١٨٦) : وسمع رفع المفعول به ونصب الفاعل ، حكوا : خرق الثوب المسمار ، وكسر الزجاج الحجر ، وقال الشاعر :
مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت |
|
بحران أو بلغت سوآتهم هجر |
فإن السوآت هى المبالغة ، وسمع أيضا رفعهما ، قال :
[إن من صاد عقعقا لمشوم] |
|
كيف من صاد عقعقان وبوم |
وسمع نصبهما ، قال :
قد سالم الحيّات منه القدما |
|
[الأفعوان والشّجاع الشّجعما] |
والمبيح لذلك كله فهم المعنى وعدم الإلباس ، ولا يقاس على شىء من ذلك» اه وقال ابن مالك فى شرح الكافية : «وقد يحملهم ظهور المعنى على إعراب كل واحد من الفاعل والمفعول به بإعراب الآخر ؛ كقولهم : خرق الثوب المسمار ، ومنه قول الأخطل* مثل القنافذ ... البيت» اه.
والظاهر من هذه العبارات كلها أن الاسم المنصوب فى هذه المثل التى ذكروها هو الفاعل ، والاسم المرفوع هو المفعول ، وأن التغير لم يحصل إلا فى حركات الإعراب ، لكن ذهب الجوهرى إلى أن المنصوب هو المفعول به ، والمرفوع هو الفاعل ، والتغيير