وأما جمع المؤنث السالم فقال قوم : مبنىّ على ما كان ينصب به ـ وهو الكسر ؛ فتقول : «لا مسلمات لك» بكسر التاء ، ومنه قوله :
(١٠٩) ـ
إنّ الشّباب الّذى مجد عواقبه |
|
فيه نلذّ ، ولا لذّات للشّيب |
__________________
بالحرف فى وجه من وجوه الشبه التى تقدم بيانها : ألا يعارض هذا الشبه شىء من خصوصيات الأسماء ، والجواب على هذه الشبهة من وجهين : أو لهما ـ وهو وجه عقلى ـ أن ما كان من خصائص الأسماء إنما يقدح فى بناء الاسم ويعارضه إذا طرأ على الاسم بعد كونه مبنيا ، فأما إذا كان ما هو من خصائص الأسماء موجودا فى الاسم ثم عرض لهذا الاسم ما يقتضى شبهه بالحرف ـ من بعد ذلك ـ فإنه لهذا لا يعارض سبب البناء ولا يمنع منه ، ونحن ندعى أن الاسم كان مثنى أو مجموعا ، ثم دخلت عليه لا فتركب معها تركب خمسة عشر ، فوجد سبب البناء طارثا على ما هو من خصائص الاسم ، الثانى ـ وهو نقض لمذهبه بعدم الاطراد ـ أن المبرد نفسه قد اتفق مع الجمهور على بناء اسم لا المجموع جمع تكسير ، ولم يعبأ معه بما هو من خصائص الاسم وهو الجمع ، كما اتفق مع الجمهور على بناء المنادى المثنى أو المجموع جمع المذكر السالم على ما يرفع به ، ولم يعبأ بما هو من خصائص الأسماء.
١٠٩ ـ البيت لسلامة بن جندل السعدى ، من قصيدة له مستجادة ، وأولها قوله
أودى الشّباب حميدا ذو التّعاجيب |
|
أودى ، وذلك شأو غير مطلوب |
ولّى حثيثا ، وذاك الشّيب يتبعه |
|
لو كان يدركه ركض اليعاقيب |
اللغة : «أودى» ذهب وفنى ، وكرر هذه الكلمة تأكيدا لمضمونها ؛ لأنه إنما أراد إنشاء التحسر والتحزن على ذهاب شبابه «حميدا» محمودا «التعاجيب» العجب ، وهو جمع لا واحد له من لفظه ، ويروى فى مكانه «الأعاجيب» وهو جمع أعجوبة ، وهى الأمر الذى يتعجب منه «شأو» هو الشوط «حثيثا» سريعا «اليعاقيب» جمع يعقوب ، وهو ذكر الحجل «مجد عواقبه» المراد أن نهايته محمودة «الشيب» بكسر الشين ـ جمع أشيب ـ وهو الذى ابيض شعره ، وروى صدر البيت المستشهد به هكذا :
* أودى الشّباب الذى مجد ... إلخ*