وقوله :
(٨٥) ـ
فأبت إلى فهم ، وما كدت آئبا |
|
وكم مثلها فارقتها وهى تصفر |
__________________
تاء المتكلم ، بدليل وقوع جملتها خبرا لإن الناصبة للاسم الرافعة للخبر ، وذلك لأن عسى للترجى ، والترجى إنشاء ، وأيضا فإن الأفعال التاقصة جملتها إنشائية ، والجمل الإنشائية لا تقع خبرا لإن ، عند الجمهور الذين يجوزون وقوع الإنشائية خبرا للمبتدأ غير المنسوخ ، وإذا كان ذلك كذلك فلا بد أن تكون الجملة خبرية ؛ فلا تكون «عسى» ناقصة ، وأما قوله «صائما» على هذا فهو خبر «لكان» محذوفة مع اسمها ، وتقدير الكلام : إنى رجوت أن أكون صائما.
٨٥ ـ هذا البيت لتأبط شرا ـ ثابت بن جابر بن سفيان ـ من كلمة مختارة ، اختارها أبو تمام فى حماسته (انظر شرح التبريزى (١ / ٨٥ بتحقيقنا) وأولها قوله :
إذا المرء لم يحتل وقد جدّ جدّه |
|
أضاع ، وقاسى أمره وهو مدبر |
اللغة : «أبت» رجعت «فهم» اسم قبيلته ، وأبوها فهم بن عمرو بن قيس عيلان «تصفر» أراد تتأسف وتتحزن على إفلاتى منها ، بعد أن ظن أهلها أنهم قد قدروا على. وقصة ذلك أن قوما من بنى لحيان ـ وهم حى من هذيل ـ وجدوا تأبط شرا يشتار عسلا من فوق جبل ، ورآهم يترصدونه ، فخشى أن يقع فى أيديهم ، فانتحى من الجبل ناحية بعيدة عنهم ، وصب ما معه من العسل فوق الصخر ، ثم انزلق عليه حتى انتهى إلى الأرض ، ثم أسلم قدميه للريح ، فنجا من قبضتهم.
المعنى : يقول : إنى رجعت إلى قومى بعد أن عز الرجوع إليهم ، وكم مثل هذه الخطة فارقتها ، وهى تتأسف وتتعجب منى كيف أفلت منها.
الإعراب : «فأبت» الفاء عاطفة ، آب : فعل ماض ، وتاء المتكلم فاعله «إلى فهم» جار ومجرور متعلق بأبت «وما» الواو حالية ، ما : نافية «كدت» كاد : فعل ماض ناقص ، والتاء اسمه «آئبا» خبر كاد ، والجملة فى محل نصب حال «وكم» الواو حالية ، كم : خبرية بمعنى كثير مبتدأ ، مبنى على السكون فى محل رفع «مثلها» مثل : تمييز لكم مجرور بالكسرة الظاهرة ، ومثل مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه «فارقتها» فعل وفاعل ومفعول به «وهى» الواو للحال ، هى : مبتدأ «تصفر»