وقال آخر :
(٨٢) ـ
إن المرء ميتا بانقضاء حياته |
|
ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا |
__________________
وهذا الشاهد يرد على الفراء وأكثر البصريين الذين ذهبوا إلى أن «إن» النافية لا تعمل شيئا ، لا فى المبتدأ ولا فى الخبر ، ووجه الرد من البيت ورود الخبر اسما مفردا منصوبا بالفتحة الظاهرة ، ولا ناصب له فى الكلام إلا «إن» ، وليس لهم أن يزعموا أن النصب بها شاذ ؛ لوروده فى الشعر كثيرا ، ولوروده فى النثر فى نحو قول أهل العالية «إن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية» ، وقد قرأ بهذه اللغة سعيد بن جبير ـ رضى الله عنه! ـ فى الآية الكريمة التى تلاها الشارح.
ويؤخذ من هذا الشاهد ـ زيادة على ذلك ـ أن «إن» النافية مثل «ما» فى أنها لا تختص بالنكرات كما تختص بها «لا» : فإن الاسم فى البيت ضمير ، وقد نص الشارح على هذا ، ومثل له.
ويؤخذ منه أيضا أن انتقاض النفى بعد الخبر بإلا لا يقدح فى العمل ؛ لأنه استثنى بقوله «إلا على أضعف ... إلخ».
٨٢ ـ وهذا البيت أيضا من الشواهد التى لا يعلم قائلها.
المعنى : ليس المرء ميتا بانقضاء حياته ، وإنما يموت إذا بغى عليه باغ فلم يجد عونا له ، ولا نصيرا يأخذ بيده ، وينتصف له ممن ظلمه ، يريد أن الموت الحقيقى ليس شيئا بالقياس إلى الموت الأدبى.
الإعراب : «إن» نافية «المرء» اسمها «ميتا» خبرها «بانقضاء» جار ومجرور متعلق بقوله «ميتا» وانقضاء مضاف ، وحياة من «حياته» مضاف إليه ، وحياة مضاف والضمير مضاف إليه «ولكن» حرف استدراك «بأن» الباء جارة ، وأن مصدرية «يبغى» فعل مضارع مبنى للمجهول منصوب بأن ، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر «عليه» جار ومجرور نائب عن الفاعل ليبغى ، وأن وما دخلت عليه فى تأويل مصدر مجرور بالباء ، أى بالبغى عليه ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف ، والتقدير «ولكن يموت بالبغى عليه» وقوله «فيخذلا» الفاء