الثالث : ألّا يتقدم خبرها على اسمها وهو غير ظرف ولا جار ومجرور ؛ فإن تقدّم وجب رفعه ، نحو : «ما قائم زيد» ؛ فلا تقول : «ما قائما زيد» وفى ذلك خلاف (١).
__________________
فما : نافية ، وحق : اسمها ، ونكالا : خبرها ، وقد جاء به منصوبا مع كونه مسبوقا بإلا.
وجمهور البصريين لا يقبلون دلالة هذه الشواهد ، ويؤولونها ، فمما أولوا به البيت الأول أن «منجنونا» مفعول به لفعل محذوف ، والتقدير : وما الدهر إلا يشبه منجنونا ، وجملة الفعل وفاعله فى محل رفع خبر المبتدأ ، وكذلك قوله «معذبا» فى الشطر الثانى : أى وما صاحب الحاجات إلا يشبه معذبا ، وبعضهم يقول : منجنونا مفعول مطلق لفعل محذوف على تقدير مضاف ، ومعذبا ليس اسم مفعول ، بل هو مصدر ميمى بمعنى التعذيب ، فهو أيضا مفعول مطلق لفعل محذوف ، ونكالا فى البيت الثانى اسم مصدر ؛ فهو كذلك مفعول مطلق لفعل محذوف ، والتقدير : وما الدهر إلا يدور دوران منجنون ، وما صاحب الحاجات إلا يعذب معذبا أى تعذيبا ، وما حق الذى يفسد إلا ينكل به نكالا أى تنكيلا ، وهذه الجمل الفعلية كلها فى محل رفع أخبار للمبتدآت الواقعة بعد ما النافية فى المواضع الثلاثة.
(١) ذهب بعض النحاة إلى أنه يجوز إعمال ما إعمال ليس مع تقدم خبرها على اسمها ، واستدل على ذلك بقول الفرزدق :
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش ، وإذ ما مثلهم بشر |
قالوا : ما نافية عاملة عمل ليس ، ومثل : خبرها مقدم منصوب ، والضمير مضاف إليه ، وبشر : اسمها تأخر عن خبرها ، وزعموا أن الرواية بنصب مثل.
والجمهور يأبون ذلك ، ولا يقرون هذا الاستشهاد ، ولهم فى الرد على هذا البيت ثلاثة أوجه :
الأول : إنكار أن الرواية بنصب مثل ، بل الرواية عندهم برفعه على أنه خبر مقدم ، وبشر : مبتدأ مؤخر.
والثانى : أنه على فرض تسليم نصب «مثل» فإن الشاعر قد أخطأ فى هذا ،