وكلام المصنف يقتضى أنه كثير ، وليس كذلك ؛ بل الكثير حذفه من الفعل المذكور ، وأما [مع] الوصف فالحذف منه قليل.
فإن كان الضمير منفصلا (١) لم يجز الحذف ، نحو «جاء الذى إيّاه ضربت» فلا يجوز حذف «إياه» وكذلك يمتنع الحذف إن كان متصلا منصوبا بغير فعل أو وصف ـ وهو الحرف ـ ـ نحو «جاء الذى إنّه منطلق» فلا يجوز حذف
__________________
(١) الذى لا يجوز حذفه هو الضمير الواجب الانفصال ، فأما الضمير الجائز الانفصال فيجوز حذفه ، وإنما يكون الضمير واجب الانفصال إذا كان مقدما على عامله كما فى المثال الذى ذكره الشارح ، أو كان مقصورا عليه كقولك : جاء الذى ما ضربت إلا إياه ، والسر فى عدم جواز حذفه حينئذ أن غرض المتكلم يفوت بسبب حذفه ، ألا ترى أنك إذا قلت «جاء الذى إياه ضربت» كان المعنى : جاء الذى ضربته ولم أضرب سواه ، فإذا قلت «جاء الذى ضربت» صار غير دال على أنك لم تضرب سواه ، وكذلك الحال فى قولك «جاء الذى ما ضربت إلا إياه» فإنه بدل على أنك قد ضربت هذا الجائى ولم تضرب غيره ، فإذا قلت : «جاء الذى ما ضربت» دل الكلام على أنك لم تضرب هذا الجائى فحسب.
فأما المنفصل جوازا فيجوز حذفه ، والدليل على ذلك قول الشاعر :
* ما الله موليك فضل فاحمدنه به*
فإن التقدير يجوز أن يكون «ما الله موليكه» ويجوز أن يكون «ما الله موليك إياه» وقد عرفت فيما سبق (فى مباحث الضمير) السر فى جواز الوجهين ، ومما يدل على جواز حذف الجائز الانفصال قول الله تعالى : (فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) فإنه يجوز أن يكون التقدير «بالذى آتاهموه ربهم» وأن يكون التقدير «بالذى آتاهم إياه ربهم» والثانى أولى ؛ فيحمل عليه تقدير الآية الكريمة ، وكذلك قول الله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فإنه يجوز أن يكون التقدير «ومن الذى رزقناهموه» كما يجوز أن يكون التقدير «ومن الذى رزقناهم إياه».