فى شرح تصريف المازنى بعد إنشاد البيت : «همز الواو الساكنة لأنه توهم الضمة قبلها فيها ، وإنما يجوز مثل هذا الغلط منهم لما يستهويهم من الشّبه ؛ لأنهم ليست لهم قياسات يعتصمون بها ، وإنما يميلون إلى طبائعهم ؛ فمن أجل ذلك قرأ الحسن البصرى (وما تنزّلت به الشّياطون) لأنه توهمه جمع التصحيح نحو الزيدون ، وليس منه ، وكذلك قراءته (ولا أدرأتكم به) جاء به كأنه من درأته : أى دفعته ، وليس منه ، إنما هو من دريت الشىء : أى علمت به ، وكذلك قراءة من قرأ (عادا لؤلى) فهمز فهو خطأ منه بمنزلة قول الشاعر :
*لحبّ المؤقدان إلىّ مؤسى*
فهمز الواو الساكنة لأنه توهم الضمة قبلها فيها ، ولهذا الغلط فى كلامهم نظائر ، فإذا جاء فاعرفه لتستعمله كما سمعته ولا تقس عليه» انتهى.
وأورد ابن عصفور هذا الإبدال فى الضرائر ، وخصه بالشعر ، وقال العصام فى حاشية القاضى : «روى سيبويه البيت بهمز مؤقدان ومؤسى» وهذا لا أصل له ؛ فإن سيبويه لم يرو هذا البيت فى كتابه ، وروى ابن جنى صدره فى سر الصناعة ، وفى إعراب الحماسة *أحبّ المؤقدين* بصيغة أفعل التفضيل فيكون أحب مبتدأ مضافا إلى المؤقدين بالجمع ، و «مؤسى» خبره ـ ورواه فى الخصائص وفى شرح تصريف المازنى وفى المحتسب *لحبّ المؤقدان* فيكون اللام فى جواب قسم محذوف و «حبّ» للمدح والتعجب وأصلها حبب ـ بفتح العين ـ فعل متعد كقوله :
*فو الله لو لا تمره ما حببته (١)*
__________________
(١) هذا صدر بيت لغيلان بن شجاع النهشلى وعجزه :
*ولا كان أدنى من عبيد ومشرق*