على ضريّة (١) فوجدها معشبة فأعجبته فأقام بها أياما ، وقالت له أم أناس : إنى لأرى كأنى قد نظرت إلى رجل أسود أدلم (٢) كأن مشافره مشافر بعير آكل مرار قد أخذ برقبتك ؛ فسمى حجر آكل المرار بذلك ، وذكر باقى القصة نحو ما مضى ، وروى أيضا أنه إنما سمى آكل المرار لأن سدوسا لما أتاه بخبر ابن الهبولة ومداعبته لهند وأن رأسه كان فى حجرها وحدثه بقولها له ، جعل يسمع ذلك وهو يعبث بالمرار ـ وهو نبت شديد المرارة ـ وكان جالسا فى موضع فيه منه شىء كثير ، فجعل يأكل من ذلك المرار غضبا وهو يسمع من سدوس وهو لا يعلم أنه يأكله من شدة الغضب ، حتى انتهى سدوس إلى آخر الحديث فعلم حينئذ بذلك ، ووجد طعمه ، فسمى يومئذ آكل المرار ، قال ابن الكلبى :
وقال جحر فى هند :
*إنّ من غرّه النّساء بشىء ... الأبيات»
انتهى ما ساقه صاحب الأغانى باختصار قليل.
ولا يخفى أن المشهور أن أم أناس زوجة عمرو المقصور بن حجر بن الحارث ابن عمرو (٣) ، وإنما سميت أم أناس لأن أباها عوف بن محلّم أمر أمّها لما ولدتها أن تئدها ، فقالت : قد فعلت ؛ فربتها حتى أدركت فنظر إليها عوف يوما مقبلة فأعجبه شبابها فقال : من هذه يا أمامة؟ قالت : وصيفة لنا ، ثم قالت : أيسرك أنها ابنتك؟ فقال : كيف لى بذلك؟ قالت : فانها التى أمرتنى أن أئدها ، فقال : دعيها فلعلها أن تلد لنا أناسا ، فسميت أم أناس ، وهى أم الحارث بن عمرو المقصور بن حجر.
__________________
(١) ضرية : بلدة بين البصرة ومكة.
(٢) الأدلم : الشديد السواد.
(٣) يدل على ذلك قول عبيد بن الأبرص بعد مقتل حجر :
هلّا على حجر بن أمّ |
|
أناس تبكى لا علينا |