ابن ضجعم ، وهو حماطة بن سعد بن سليح القضاعىّ أغار على حجر آكل المرار وهو غائب فأخذ مالا كثيرا وسبا امرأة حجر ، وهى هند بنت ظالم بن وهب ابن الحارث بن معاوية ، وأخذ نسوة من نساء بكر بن وائل ، فلما بلغ حجرا وبكر ابن وائل مغاره وما أخذ أقبلوا عليه ، ومعه يومئذ أشراف بكر بن وائل منهم عوف ابن محلّم بن ذهل بن شيبان ، فأقبل حجر فى أصحابه حتى إذا كان بمكان يقرب من عين أباغ (١) بعث سدوسا وصليعا (٢) يتجسسان له الخبر ؛ فخرجا حتى هجما على عسكره وقد أوقد نارا ونادى مناد [له] من جاء بحزمة من حطب فله فدرة (٣) من تمر ، وكان ابن الهبولة قد أصاب فى عسكر حجر تمرا كثيرا فضرب قبابه وأجّج ناره ونثر التمر بين يديه ، فاحتطب سدوس وصليع ثم أتيا به ابن الهبولة فطرحاه بين يديه فناولهما من التمر وجلسا قريبا من القبّة ، فأما صليع فقال : هذه آية ؛ فانصرف إلى حجر فأعلمه بعسكره وأراه التمر ، وأما سدوس فقال : لا أبرح حتى آتيه بخبر جلىّ ، فلما ذهب هزيع من الليل أقبل ناس من أصحابه يحرسونه وقد تفرق أهل العسكر ، فقرب سدوس إلى جليس له فقال له : من أنت؟ مخافة أن يستنكر ، فقال : أنا فلان بن فلان ، قال : نعم ودنا سدوس من القبة فكان بحيث يسمع الكلام ، فدنا ابن الهبولة من هند امرأة حجر فقبلها وداعبها ، ثم قال لها : ما ظنك بحجر لو علم بمكانى منك؟ قالت : ظنى والله أنه لن يدع طلبك حتى يطالع القصور الحمر ، وكأنى أنظر إليه فى فوارس من بنى شيبان وهو شديد الكلب سريع الطلب يزبد شدقاه كأنه بعير آكل مرار ؛ فسمى آكل المرار يومئذ ، قال : فرفع يده فلطمها ثم قال : ما قلت هذا إلا
__________________
(١) بضم الهمزة وفتحها وكسرها ، وهى موضع بين الرقة والكوفة
(٢) فى الأصول «ضبيعا» وهو تحريف والتصحيح عن الأغانى
(٣) الفدرة : القطعة